الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الحكومة الأردنية.. والمزاج الشعبي

برغم الجدل القانوني الذي رافق تكليف حكومة رئيس الوزراء الأردني المستقيل عمر الرزاز بتصريف الأعمال إلى حين تشكيل أخرى جديدة، كون الدستور يُلزم الحكومة بالاستقالة بعد أسبوع واحد من حل مجلس النواب، فإن المزاج الشعبي العام تجاوز هذا التنميط القانوني، الذي يبدو أنه ليس أكثر من وجهات نظر قانونية، وردود أفعال آنية ستختفي بمجرد طرح اسم الرئيس الجديد.

في الأردن للأسماء دلالاتها وصفاتها، لذلك عادة ما ينشغل الشارع بقائمة الأسماء المرشحة لتولي رئاسة الوزراء، والتي عادة ما يتم ربطها بمحاولة التشبيك الخارجي، إذ إن شخصية الرئيس تفرض حضورها القوي على مشهد العلاقات الإقليمية، ولكن المتابع لما يجري في الساحة الأردنية هذه الأيام يلحظ تغيّراً واضحاً في الرأي العام الذي لم يعُد يهتم كثيراً بشخصية القادم الجديد، بقدر اهتمامه بما سيقدمه لتفكيك طلاسم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أخذت منحى أكثر تعقيداً نتيجة تداعيات تفشي فيروس كورونا، والتي لم يظهر منها حتى الآن سوى رأس جبل الجليد.

ما يجري من نقاشات بخصوص الحكومة الجديدة، يشير إلى تغيّر النظرة الشعبية التي تركز عادة على شخصية الرئيس كمقياس للتفاؤل والتشاؤم مع بداية تكليف كل حكومة، وقد يكون للحكومة المستقيلة تأثير مهم في هذا المجال، إذ رافقت مجيئها حالة عامة من التفاؤل سرعان ما تكسّرت على صخرة الأزمات، التي قزّمت أداء الحكومة على مدى العامين الماضيين، وخاصة جائحة كوفيد-19.


الأردنيون اليوم يريدون معرفة البرنامج الذي سيأتي به رئيس الحكومة الجديد لتقليص حجم المديونية المقلق، وإيجاد فرص عمل للشباب، وتخفيف وطأة المشكلات التي لحقت بالقطاع الخاص، ورفع مستويات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية.


الحكومة المقبلة وقعت تحت الضغط الشعبي قبل تشكيلها، وسيلازمها هذا الضغط، كون العام المقبل لن يكون أفضل من العام الحالي بالنسبة لكافة دول المنطقة نتيجة تداعيات انتشار فيروس كورونا، فما هو مطلوب شعبياً اليوم هو الحاجة إلى حكومة بمواصفات خاصة، تستطيع أن تُخرج الأردن من عين العاصفة الاقتصادية وما ترتب عليها من مشاكل فرعية في مختلف القطاعات.

وبالمحصلة، فإن جميع دول العالم تأثرت بشكل كبير بالظروف الحالية وليست الحكومة الأردنية فقط، حيث إن ما يريده البعض يتجاوز قدرة أي حكومة مقبلة مهما كانت إمكاناتها وخبراتها، فما بالك بحكومة ستبدأ عهدها بالتعامل مع تفشي وباء، ومن ثَمّ معالجة آثاره؟