السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الشقيقان.. والبرلمان

شقيقان.. تقدم كل منهما بالترشح لخوض انتخابات مجلس النواب في مصر، مجلس النواب الحالي يوشك أن ينهي دورته الأخيرة، ولا بد أن يبدأ المجلس الجديد دورته يوم التاسع من يناير المقبل، الإقبال على الترشح فاق كل التوقعات!

ليست هذه هي المرة الأولى التي يخوض فيها شقيقان مثل هذه المعركة، لكنها ربما تكون المرة الأولى التي يخوض فيها شقيقان المعركة على مقعد واحد في الدائرة الانتخابية نفسها، فمن قبل كان بعض الأشقاء أو الأقارب من العائلة الأباظية (عائلة محمد عزيز أباظة مثلاً) أو بعض عائلات الصعيد، يخوضون هذه التجربة، ولكن بالترشح في مناطق مختلفة وأحزاب متباينة، يترشح فرد في القرية بعيداً وآخر في القاهرة، ويكون كل منهما منتمياً لحزب مختلف، لكن هذه المرة تواجه الشقيقان، وبدلاً من أن يحسم الأمر بينهما بالتنافس والتصويت، قرر كل منهما إزاحة الآخر نهائياً من المعركة.

تقدم كل منهما أمام القضاء بالطعن على صلاحية الآخر لأن يكون برلمانياً، القانون يشترط «حسن السمعة» للبرلماني، وحتى لا يصبح الأمر رمياً بالظنون، لا بد أن يكون الاتهام مؤكداً وموثقاً، وهكذا حشد كل شقيق ما لديه من أوراق وإثباتات، وما يعرفه كل منهما عن الآخر كثير ومدقق، وقد صدر حكم محكمة القضاء الإداري، يوم الخميس الماضي، باستبعاد الشقيقين لسابق إدانة كل منهما قضائياً، وصارا معاً موضع تندر الكثيرين.


حسم القانون والقضاء الصراع مبكراً بين الشقيقين، ويعلم الله ماذا كان يمكن أن يقع بينهما لو خاضا العملية الانتخابية إلى نهايتها!


الصراع السياسي أو صراع المصالح، يمكن أن يزيح من أمامه رابطة الدم والأخوة ويسقط اعتبارات كثيرة، عرفنا ذلك على مر التاريخ عبر الإمبراطوريات والدول الكبرى، فتاريخ الإمبراطورية الرومانية حافل بمثل هذه الصراعات، والدولة العثمانية سمحت للسلطان أن يقتل الأشقاء وبعض الأبناء إن كان وجودهم يؤدي إلى صراع وفتنة حول موقع السلطان، عملاً بالتخوف والتحذير القرآني «الفتنة أشد من القتل» صحيح أن ذلك كان فهماً وتفسيراً متعسفاً ومغلوباً، لما أراده الله، لكنه حدث.

لم يقتصر الأمر على موقع الإمبراطور أو السلطان، لكنه امتدّ إلى المواقع المحدودة، مثل «عمدة» قرية أو شيخ الحارة.

ولا يجب أن نندهش كثيراً، في تاريخنا العربي، وجدنا عقيل بن أبي طالب ينحاز إلى معاوية بن أبي سفيان ضد أخيه علي بن أبي طالب، حين اشتد الصراع بينهما كما هو معروف، وما جرى في بلاد الأندلس كثير جداً إلى الحد الذي لعب دوراً كبيراً في ضياعها، أما في تاريخنا الحديث والمعاصر، فحدّث ولا حرج!