الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

ناغورنو قره باغ.. الأسباب والدوافع

في وقت ينشغل فيه العالم بجائحة كورونا، يحاول بعض اللاعبين الاستفادة من الفرصة المتاحة، ومن الواضح أن النزاع الذي اندلع في إقليم «ناغورنو قره باغ» يندرج في هذا الإطار، وبعد أن ظهرت مجموعة الدول المستقلة التابعة لروسيا، أعلنت أرمينيا جهاراً بأن أقرباءها من الأرمن الذين يعيشون داخل أذربيجان، يجب أن يكونوا تحت حمايتها، وهذا ما دفعها لدعم إقليم ناغورنو قره باغ.

وما تزال جريمة الإبادة الجماعية للأرمن تندرج ضمن الذنوب المخفيّة المحسوبة على أوروبا، ولهذا السبب، لم يتجرأ أحد على شجب سلوك أرمينيا بالرغم مما يعرف عنها أنها عميلة لروسيا، وتشاركها في اعتناق المذهب المسيحي الأرثذوكسي.

يكاد يكون من الواضح الآن أن أردوغان لا يمانع في رفع سقف المخاطر والتحديات من أجل التأكيد على موقع تركيا كلاعب إقليمي رئيسي وربما يكون دولياً أيضاً، وليس هناك شك في أنه يقف وراء تصاعد دورة العنف الحالية، وقد يتلخص هدفه بضرب ستار من الدخان لصرف الأنظار عن مسرح عملياته الأخرى في ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط.


ولا يقتصر الهدف من وراء ذلك على إعادة تفعيل المشاعر القومية داخل تركيا فحسب، بل أيضاً من أجل تحقيق بعض المكاسب النفطية وبما يتطابق مع أسباب تدخله في بلدان أخرى، ويضاف إلى ذلك أن منطقة النزاع ذاتها تمثل موقعاً حساساً بالنسبة للأوروبيين ولمصالح روسيا أيضاً، لأنها قريبة جداً من خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز الروسي إلى الزبائن الأوروبيين.


لهذه القصة التقليدية دافع مزدوج، فإذا كانت تركيا التي تدعم أذربيجان، وهي الطرف المعتدي، فإنه من الضروري ألا ننسى أن ناغورنو قره باغ هي منطقة محمية من طرف أرمينيا منذ 30 عاماً، في حين أن «مجموعة مينسك» التي تضم فرنسا وروسيا والولايات المتحدة والتي اجتمعت عام 1992، لم تتمكن من التوصل إلى حل سلمي دائم للنزاع.

ونشأت المشكلة أصلاً من الاقتناع بالفكرة التي تفيد بأن الناس الذين تجمعهم ثقافة مشتركة كالدين أو اللغة، يجب أن يجتمعوا تحت علم واحد، إلا أن الحقيقة هي على العكس من ذلك، لأن هذه القناعة هي وصفة لحروب لا نهاية لها، وكمثال عن ذلك، أن موطني الأساسي هو منطقة الألزاس، وهي مقاطعة فرنسية تقع على حدود ألمانيا على ضفاف نهر الراين، وكان لا بد من التنازل عنها لألمانيا بعد حرب خاسرة عام 1871، لكن تمكنت فرنسا من استعادتها بعد الحرب العالمية الأولى، لتحتلها القوات النازية أيام هتلر عام 1940، وعادت لفرنسا من جديد عام 1945 في نهاية الحرب العالمية الثانية، حدث كل هذا من دون أي استشارة للسكان المحليين الأصليين، ولم تمثل معاهدة سايكس ـ بيكو استثناء لهذه القاعدة.

والطريق الوحيد لتكوين الدول لا بد أن يكون من خلال منح الحقوق المتساوية لجميع المواطنين بغض النظر عن أصلهم أو دينهم أو لغتهم.