الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

ماكرون.. ومسلمو فرنسا

أثارت كلمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة حول الإسلام، جدالاً كثيراً بين مؤيد ومعارض، وتجاوزت الكلمة مدلولاتها في حدودها الفرنسية إلى اتهام ماكرون بالإساءة للإسلام، وهي عموماً كلمة مهمة لها أبعادها الفرنسية والغربية.

مناسبة الكلمة عودة مشكلة رسوم الكاريكاتور في صحيفة «شارلي إيبدو» وما رافقها من عمليات إرهابية، أشار ماكرون إلى أن الإسلام عامة يعيش أزمة عالمية بسبب التشدد في بعض المواقف، لكنه ركز باقي حديثه على أزمة الإسلام في فرنسا التي وصفها بـ«الانعزالية» التي تتناقض مع قيم العلمانية التي تبنتها الجمهورية الفرنسية، وصدر على أساسها قانون «1905» الذي فصل بين الكنيسة والدولة، وألزم الدولة بالحيادة تجاه المسألة الدينية، كما أن القانون يسمح بحرية الاعتقاد الديني، لكنه يمنع تجاوز الاعتقاد إلى ممارسة سلوكيات تهدد القيم العلمانية.

وفند ماكرون تمثلات أزمة «الانعزالية الإسلامية في فرنسا» في تقوقع المسلمين في العيش في «جيتوهات» مغلقة لا تختلط مع باقي مكونات الشعب، وبلجوء ما يقدر بخمسين ألف مقيم مسلم إلى تعليم أبنائهم في المنازل وحرمانهم من دخول المدارس، كما تطرق إلى أضرار المدارس الدينية ودور المساجد في زيادة عزلة المسلمين في فرنسا، ولم يتنصل ماكرون من أثر الاستعمار الفرنسي السابق لدول إفريقيا، وخصوصاً للجزائر، الذي خلف جراحاً وخوفاً شديداً لدى المهاجرين من الاندماج مع باقي المكونات الفرنسية.


وهنا أعلن الرئيس الفرنسي عن القانون الجديد الذي ستعلنه حكومته بنهاية العام الحالي، ويهدف إلى تقوية مبادئ العلمانية في فرنسا، باعتبارها الضامن لوحدة فرنسا، ويقوم هذا القانون على زيادة الإنفاق على التعليم والإسكان للمهاجرين وباقي الجماعات الدينية والعرقية التي تقطن في أماكن معزولة، كما سيفرض القانون رقابة أكبر على المساجد، ويوقف استقدام أئمة من الخارج أو استقبال تبرعات مالية خارجية، وسيمنع الدراسة المنزلية إلا في أضيق الحالات، وسيفرض على المدارس الخاصة غرس مبادئ العلمانية لدى الأطفال.


إن ما طرحه ماكرون يستحق النقاش والدراسة والعلاج، لأن فزع فرنسا هو جزء من فزع أوروبا عامة من ضياع هويتها المدنية والعلمانية بسبب ما يوصف بـ«الانعزالية الإسلامية»، ورفض قطاع كبير من المسلمين الانخراط في المجتمعات الأوروبية بما تقتضيه القوانين والقيم الأوربية، ولكن أسوأ الردود الغاضبة من خطاب ماكرون هي التي تهاجمه في زوجته كبيرة السن، متناسين أن الإسلام كرم المرأة كبيرة وشابة وطفلة، غنية وفقيرة، جميلة ودميمة.