الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

السياسة تقتل الاقتصاد.. والحل؟

المواقف السياسية وربّما الشخصية أحياناً هي التي حكمت العلاقات بين الدول العربية عقوداً مديدة، لذلك كانت الأزمات حين تنشب تتسع بسرعة، ولا ضوابط للسيطرة عليها، وتكون دائماً مدعاة للتدخل الخارجي تحت شعار الوساطات ومن غير جدوى، بالمقابل بين الدول الأوروبية، أزمات أيضاً تنشأ بحكم قضايا مستجدة وأخرى لها جذور تاريخية، لكن الاتحاد الأوروبي حين قام قبل ما يقرب من 5 عقود، وضع معايير جديدة لتثبيت العلاقات الصحيحة وديمومتها، استرشاداً بالتجارب المرّة التي مرت على الأوروبيين إبان الحرب العالمية الثانية.

كان العامل التجاري المرتبط بالتنمية المستدامة والتبادل المعرفي والعلمي والتكنولوجي أساساً في جعل الروابط التي توحد الجهود الأوروبية أكبر وأقوى من جميع المعزوفات السياسية، التي نسمعها في هذه العاصمة أو تلك، وبقيت المصالح التجارية هي الناظم الأهم في تسيير العلاقات، وهذا ما نجده اليوم في مفاوضات بريكسيت المتعسّرة في الجانب التجاري مع أوروبا، حيث لا يلتفت الأوروبيون إلى شيء بقدر الناحية التجارية التي لن تكون مستقلة عن مسائل أخرى متصلة بها مثل التأشيرات والتنقل وفرص العمل والعلاقات العامة.

لقد عاش العالم العربي منذ بداية استقلال دوله من دون التفكير الجدي في إقامة علاقات اقتصادية تضامنية بين دوله، بالرغم من وجود مقومات كبيرة تدعمها الجغرافيا وقرب الموارد المتبادلة بين معظمه، وكانت دائماً الأزمات السياسية عائقاً أمام قيام المشاريع المشتركة، بل تعدها الدول من المحرمات التي يحاسب عليها القانون، فعلى سبيل المثال لم تقم علاقات اقتصادية ذات أدنى أهمية بين بلدين يمتلكان عناصر مهمة في التكامل هما سوريا والعراق بسبب خلافات سياسية، كانت تأخذ طابعاً حزبياً وشخصياً على طول الوقت، ولم تتبادل مصر والسودان إقامة المشاريع المشتركة ذات النفع العام لأسباب ترجع في حقيقتها إلى السياسة، وكذلك الحال بين دول المغرب العربي، ومنذ سنوات يتم التحدث عن تقارب عراقي ـ سعودي لتنشيط الاقتصاد بينهما، غير أنه مجرد علاقات في حدود عادية من التبادل التجاري لا تخضع لرؤى في التكامل بين دولتين كبيرتين، لإحداهما حدود طويلة مع دولتين مهمتين أيضاً في الإقليم هما تركيا وإيران.


العلاقات الاقتصادية الاستراتيجية المطلوب توافرها، ذات طبيعة تكاملية ولها استقرار لا يخضع للتقلبات السياسية والأمنية، وربما يُسهم ذلك الاستقرار الاقتصادي والتجاري نفسه في حماية العلاقات العربية من الانتكاسات المفاجئة.