السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

استهلاك الهلاك

قتلى العرب بأيدي العرب أضعاف قتلاهم بيد إسرائيل أو بأيدي كل من نسميهم أعداء العرب والمسلمين، تلك عناوين تحتها كلام كثير لا تتسع له هذه العجالة ولكنها عناوين تتطلب التأمل في التركيبة العربية المختلة.. إذ ليس للعرب أعداء إلا أنفسهم، وهو شعار سوّقه الإخوان ومن والاهم وأعني به شعار أعداء العرب والمسلمين.
هناك اتفاقية سايكس بيكو جديدة لتقسيم مناطق النفوذ في العالم العربي ولكنها هذه المرة بين تركيا وإيران، والعرب الآن لا يفاضلون بين الاحتلال والاستقلال، ولكنهم يفاضلون بين أنواع المحتلين ويفضلون ما يسمونه الاحتلال الإسلامي على الاحتلال الغربي النصراني والاحتلال الإسرائيلي اليهودي، والتحالف الواضح بين تركيا وإيران ضد العرب، وهو ما يؤكد أن الطائفية والمذهبية من إنتاج تركيا وإيران ليستهلكها العرب، والتجاور العسكري بين إيران وتركيا وروسيا وأمريكا في سوريا أو قطر أو العراق أو غيرها من الدول العربية يؤكد أن الاختلافات المذهبية والعقائدية بضاعة للاستهلاك العربي فقط.. ولقد قيل لنا في المدارس أن بريطانيا أطلقت في الحربين العالميتين الأولى والثانية شعار: «سنقاتل حتى آخر هندي»، واليوم تطلق تركيا نفس الشعار مع تعديل بسيط: «سنقاتل حتى آخر سوري»، وهو نفس شعار إيران: «سنقاتل حتى آخر يمني ولبناني وعراقي وسوري».
تركيا تقاتل في الحرب بين أرمينيا وأذربيجان بمرتزقة سوريين وكذلك تفعل في ليبيا، فالعرب يخوضون حروباً بالوكالة مع بعضهم ومع الآخرين تحت إشراف تركيا وإيران، وهو نفس ما حدث في أفغانستان والشيشان والبوسنة.. العرب دائماً وقود الحرب حتى إنني أظن أنهم كلما دخلوا قرية أفسدوها، وفكرة المرتزقة العرب من تأليف وإخراج الإخوان الذين هم النسخة السنية للماسونية، كما أن ملالي إيران هم النسخة الشيعية، والإخوان والنظام الإيراني والنظام التركي الإخواني وجهان لعملة واحدة، حتى في التركيبة التنظيمية، وقد نجح حسن نصرالله في مسعاه في إعادة إنتاج النظام الإيراني بلبنان، فصار هو المرشد الأعلى للبنان من دون أن يحصل على الصفة رسمياً وتحته رئيس جمهورية، مثل روحاني في إيران لا حول له ولا قوة.. الحكاية أكبر من استيعابها في هذه المساحة، وخلاصتها أن النظام العربي كله، والذي ظل شعاراً بلا مضمون يحتضر الآن أو مات بالفعل تحت ضربات الطائفية والمذهبية، اللتين أنتجتهما إيران وتركيا للإجهاز على العرب الذين أدمنوا استهلاك الهلاك!