الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«إيميلات هيلاري» وصناعة الفوضى

أزاحت «إيميلات» وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون الستار عن فصل آخر من فصول «الفوضى الخلاقة» التي ضربت المنطقة العربية بين عامي 2011 و2012، وأفضت في نهاية المطاف لتفكيك دول مثل سوريا وليبيا واليمن ووضع المنطقة برمتها على حافة انهيار وشيك وحروب أهلية وقودها «الجماعات الراديكالية»، التي وجدت في هذا المشهد الفوضوي فرصة سانحة للقفز إلى مقاعد السلطة.

في الحقيقة إن العديد من الدول العربية كانت تشهد في تلك الفترة مطالبات شعبية، خصوصاً من شريحة الشباب، التي تستوعب طموحات أجيال جديدة صاعدة تبحث عن موطئ قدم للعبور نحو مستقبل آمن، غير أن دخول عوامل عديدة على خط الأحلام الجامحة للشباب العرب، حولت الوضع إلى مشهد دموي أعاد دولاً عدة إلى الوراء، وأغرقها في بِرك من الفوضى، ما تزال تداعياتها مستمرة حتى اليوم.

الرسائل المسربة من بريد وزير الخارجية الأمريكية في إدارة الرئيس باراك أوباما، أماط النقاب عن خلفيات الصورة الحقيقية لما حدث في تلك الفترة العصيبة في تاريخ العرب، حيث التقت مصالح اليسار الليبرالي في أمريكا والغرب عموماً مع أجندات اليمين الإسلامي في الشرق الأوسط، في عملية مزاوجة غريبة، لا تبدو أي من التفسيرات المطروحة حولها منطقية حتى الآن.


أما النتيجة فكانت تبديد أحلام الشباب بمستقبل أفضل في الدول التي امتد إليها الحريق المفتعل، وفشل سيناريوهات تسليم المنطقة للجماعات الراديكالية، وتواري أجندة الإدارة الأمريكية، بعد هزيمة مشروع أوباما - كلينتون لتغيير خارطة الشرق الأوسط، عدا ما حصده الغرب من نتائج مدمرة، امتدت آثارها للعالم كله على شكل موجات من اللاجئين، وأجيال من الإرهابيين.


لقد أثبتت عملية التدخل الغربي لإيجاد واقع جديد في الشرق الأوسط عدم واقعيتها، وأن التغيير لا يكون حقيقياً وعميقاً ما لم تتوافر أسبابه وعوامله الداخلية، بحيث يكون الانتقال آمناً ويؤتي ثماره، كما أثبتت حقبة الفوضى التي شهدتها المنطقة.

إن العبث بأمن أي دولة عبث بأمن العالم كله، وإن عدوى الفوضى سرعان ما تمتد كالنار في الهشيم لتهدد العالم، دون أن يكون المجتمع الدولي قادراً على محاصرة نار الفوضى التي يسهل إشعال فتيلها، لكن إطفاءها أمر بالغ الصعوبة والتعقيد.