الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ترامب ـ بايدن.. والاستراتيجية البديلة

يفرض التكيف المثالي نفسه مع ثقافة الاستعداد كرهان بعد إلغاء المناظرة الانتخابية، التي كان من المقرر إجراؤها في 15 أكتوبر الجاري بين خصمَي سباق الرئاسة الأمريكية، الرئيس دونالد ترامب ونائب الرئيس السابق جو بايدن، وربما يلجأ كل منهما إلى استراتيجية البدائل، لإعادة ترتيب أوراقه حسب الاحتمالات أو الآفاق المتوقعة، والتي تعتمد على القرائن لتفضيل قرار على آخر، لكنها بالتأكيد ليست وصفة فعَّالة مع ضمانات مؤكدة للنجاح.

إن استراتيجية البدائل في مثل هذا المشهد السياسي المعقد، لا تتعامل مع الواقع كما لو كان ثابتاً، ولا مع الخصم باعتباره استنفد كل ما لديه ولم يعد عنده أي احتياطيات، لكنها تعني الدلالات نفسها، والقول: إن النزال خدعة قد يقصر هذه الاستراتيجية في عدة جوانب، في مقدمتها المباغتة، والاستعداد لتصحيح الأخطاء المحتملة، والسؤال: أي المتنافسين سيمتلك زمام المبادرة؟

لا شك أن مقارنة موجزة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري تظهر أن الوصول إلى خيار استراتيجي يعمل على تحقيق أهداف أحد المرشحين من واقع الحزب، ويلبي طموحاته، ويرضي جميع الأطراف المرتبطة به، هو عملية ليست صعبة، إذا كان هناك توافق في مكونات الحزب، وربما هذا أقرب إلى الحزب الديمقراطي منه إلى الحزب الجمهوري، فثمَّ عدم توافق على ترامب بين بعض المحافظين الجمهوريين.


عليه، بالنسبة للحزب الذي لديه عدد محدود من البدائل الاستراتيجية الأساسية، قد تتضاءل فرصته إذا نُظر إليه من وجهة نظر التنفيذ الفعلي، بالإضافة إلى ضرورة مطابقة الخيار الاستراتيجي مع قدرات الحزب المعني، سواء أكان جمهورياً أم ديمقراطياً، من أجل التمكن من تنفيذه بعقلية جديدة أكثر تقدمية، استعداداً للمناظرة الرئاسية النهائية المقررة يوم 22 أكتوبر، وفق معرفة الذات لكل من: ترامب وبايدن.


الذات هنا لا يمكن اكتشافها وتعريفها إلا بالآخر، إلى جانب مفهومه حول الاعتراف الذي يتحقق في جدلية الفائز والخاسر في ظاهريات الروح الجماعية، فاكتمالها يكون بالآخرين، هذه الفكرة واضحة لدى الديمقراطيين ولكنها ضبابيَّة لدى الجمهوريين، وهذا الاكتشاف لن يتأتى إلا بالحوارات الفكرية والاجتماعية والتداولية والأخلاقية ثم السياسية.

يبقى السؤال: كيف سيتعامل كل من: الرئيس ترامب وخصمه بايدن مع الفكرة التي مفادها أن للحداثة وظيفة تاريخية، ولكنها ليست خاصة بحقيقة معينة، فالزمن الحديث هو الذي يطور فيه الأفراد والجماعات وعياً تاريخياً بأنفسهم وأفعالهم، ولكن ما مدى تفاعلهما مع الأخذ في الاعتبار أن أعمارهم تزيد على 70 عاماً؟ وما الكامن الذي يمتلكونه من أجل الجيل الجديد للتغيير؟