الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

تحدي أردوغان.. وخيارات العالم

الفعل التركي المتمثل في صب الزيت على النار وإشعال الحرائق، في كل الأزمات التي تهز المتوسط والشرق الأوسط ومنطقة القوقاز، هو اليوم حقيقة سياسية وعسكرية تفرض تداعيتها على الجميع على شكل كابوس يهدد الأمن الإقليمي، وينبئ بانفجار شامل.

وكأن رأس الهرم التركي سنَّ استراتيجية الاستفزاز والحرب والعسكرة عقيدة للتعامل مع الجوار، ولمحاولة فك رموز هذا التصرف الغريب، قيل وكتب الكثير عن هوس طيب أردوغان بمحاولة فرض هيبة السلطان العثماني المفقودة، كما تم الحديث أيضاً بإسهاب عن التحالف مع الجناح المتطرف في المؤسسة العسكرية التركية لتفعيل وإنزال خريطة الوطن الأزرق التي تريد ترسيخ النفوذ البحري لتركيا.

الآن يتحدّى أردوغان المجموعة الدولية في سوريا، ويشعل الحرائق في ليبيا وفي ناغورنو قره باغ، ويناور ويلعب بأعصاب الاتحاد الأوروبي في شرق المتوسط، ويتحدى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي باقتنائه سلاحاً روسياً، ويستفز روسيا بنقله مرتزقة وإرهابيين إلى منطقة القوقاز.


هناك غضب أوروبي من ألاعيب ومناورات أردوغان لحد التلويح بفرض عقوبات اقتصادية على أنقرة.. وهناك امتعاض أمريكي لحد التفكير في نقل القاعدة العسكرية الأمريكية من أنجرليك التركية إلى اليونان المجاورة، وهناك خيبة أمل روسية من الحليف التركي، الذي أصبح يصدّر علناً المجموعات الإرهابية من معاقل النزاعات المسلحة إلى الحديقة الخلفية لفلاديمير بوتين، ولكل هذا يطرح تساؤل بأحرف عريضة: ألم يتحول الرئيس التركي إلى مصدر قلق عالمي يعبث بالأمن والاستقرار، ويلعب بعود ثقاب في مخزون متفجرات؟


في هذا الوضع المتأزم تجد المجموعة الدولية نفسها أمام زعيم تركي يعشق الحرائق والحروب، ويمارس فن الابتزاز وسياسة الأمر الواقع المفروض بقوة العضلات العسكرية، وأمامها خياران لا ثالث لهما: إما أن تستسلم لمطالبه، وإما أن تردعه وتقلم أظافره، وهذه مهمة مطروحة على الثلاثي (الروسي ـ الأوروبي ـ الأمريكي).

لذلك على بروكسل أن تمر من مرحلة التلويح إلى مرحلة التطبيق فيما يخص العقوبات الاقتصادية، وعلى واشنطن أن تخرج من مقاربتها الرمادية في التعامل مع السياسة التركية، وعلى موسكو أن توقف سياسة استعمال ورقة أردوغان لإضعاف الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، والنظر بواقعية لدوره المخرب في المنطقة.