الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«الرباعية».. والتنافس الأمريكي الصيني

يوماً بعد يوم، تتعاظم أهمية مجموعة «الحوار الأمني الرباعي» ويتعزز موقعها المؤثر في السياسة العالمية، ولقد بدأت هذه الفكرة الجديدة، تتبلور وتتضح معالمها ومضامينها الملموسة.

نشأت المجموعة الرباعية Quad من خلال منتدى استراتيجي غير رسمي ضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، وهي الدول الأربع التي أجرى وزراء خارجيتها أول لقاء تشاوري بينهم في شهر سبتمبر من العام الماضي على هامش الاجتماعات العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعقب الاجتماع الثاني الذي عقده الوزراء الأربعة في طوكيو هذا العام، والذي انتهى من دون صدور بيان رسمي مشترك، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مؤتمر صحفي عن «أمله» بإعطاء هذا الإطار التحالفي طابعه المؤسساتي الرسمي.

وفي 9 أكتوبر الجاري، شدّد الوزير بومبيو خلال حديث إذاعي على أن هذا «الحوار الرباعي» يهدف إلى التصدي للسلوك العدواني الذي تنتهجه الصين في المنطقة، وأضاف: «لقد شرعنا ببناء مجموعة من العلاقات في آسيا من شأنها أن تضمن تمكيننا من تحدي ومواجهة الحزب الشيوعي الصيني، وإحدى الأدوات التي سنستخدمها لهذا الغرض هي علاقاتنا مع هذه الديمقراطيات الأربع».


حتى الآن، ما تزال الآليات المقترحة لإعطاء هذا الإطار التحالفي طابعه المؤسساتي غير مفهومة، لأن الجزء المهم من الموضوع يتعلق بنوايا وقدرات الهند.


ويتركز الاهتمام الآن على الخطوة التالية، عندما ينعقد الاجتماع (2+2) الذي يضم وزيرَي الخارجية والدفاع لكلتا الدولتين: الولايات المتحدة والهند، ومن المتوقع عقده يومَي 26 و27 أكتوبر الجاري، وخلافاً لموقف رئيسه بومبيو، فضّل نائب وزيرة الخارجية الأمريكية ستيفن بيغون، الذي زار الهند في 12 أكتوبر الجاري، انتهاج موقف التحفظ خلال محادثاته التمهيدية.

ووفقاً لما يراه مستر بيغون، فإن «الإطار الرباعي» لا يمثل تحالفاً مشابهاً لنموذج تحالفات ما بعد الحرب، بل هو اتفاق أساسي لتحقيق الأهداف الأمنية والجيوسياسية والمصالح والقيم المشتركة.

ولا يمكن اعتبار «الرباعية» كأنها نسخة حلف «الناتو» الخاصة بمنطقة الهادئ-الهندي، والتي تهدف لاحتواء الصين، وبالطبع يمكن وصف الصين بأنها «فيل في الغرفة» بالنسبة لكل من يحاول تقييمها، وفقاً لما قاله بيغون، ويتحتم على كل دولة مشاركة في «الرباعية» أن تعترف بأنها ذات قدرات محدودة، ولا يمكنها ردع الصين أو احتواؤها بمفردها.

وتبقى ضرورة الإشارة، إلى أن البلدان التي تواجه العدوان والتعنت الصيني لا يكون أمامها من خيار آخر غير السعي لإقامة روابط استراتيجية فعالة، حتى تتمكن من خلالها الدول المعنية بالإبحار معاً في البحار الهائجة، التي لا تتوفر فيها إلا الرؤية الضعيفة.. وحتى الآن، تكتفي البلدان الواقعة على ضفاف المساحة البحرية هائلة الاتساع لمنطقة المحيط الهادئ-الهندي، بالمراقبة الحذرة لعملاقين متنافسين بحدّة في أقوالهما وسلوكهما.. فإلى أي درجة يمكن اعتبار التزاماتهما موثوقة ومستدامة؟ هذه هي النقطة التي يحاول الجميع تقييمها بهدوء ورويّة.