الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

المسلمون.. وصرخة الإيمان

الفصل بين الثابت والمتغير (المتحول) لا يقوم إلا في أذهاننا، ما يعني أنه وجود نظري بالأساس يتعلق بمعنى القيمة، ومعرفة ماهية الأشياء، والتفاعل مع صيرورتها، وهي هنا لا تختزل بالتواكل القائم على غير الحقيقة، لجهة القول، دون الفعل، في ترديد أخذ طابع العادة: «إلى الله تصير الأمور»، خاصة عند السياسيين حين يخوضون في لغو هو لدى الآخرين جد، ويذهبون بعيداً في قرارتهم غير مبالين بتلك العلاقة الأزلية القائمة بين الثابت والمتغير.

الحال تلك قد تؤسس على اعتبار أن الجد من طرفهم يقابل بهزل من الآخرين، يظهرون أنه جد، لكن حقيقة الأمر غير هذا، ذلك أن الفعل السياسي في العالم الإسلامي، سابق عنه الخطاب ولاحق به، يعبّر عن لغو، وإن حقق في عالم الأشياء والماديات مكاسب ومنافع كثيرة، لهذا فإن صرخة الإيمان في وجه التطبيق الخاطئ، حيث الفرقة، والصراع، والبأس الشديد، والطواغيت العصرية، وطاعة السادة والكُبراء، داخلياً وخارجياً، تعبر عن فزع دنيوي جماعي لا تحده جغرافيا ولا أعراق ولا ثقافات، ما يعني غياب الأمان.

إن ذلك الغياب يأتي من أمرين: إما من ضياع الإيمان، وإن بدا ظاهرياً موجوداً، وإما عدم العبادة، وباختصار نحن المسلمين، اليوم، أمام صرخة الإيمان مثلما يقول العلامة محمد إقبال:


إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحي دينا


ومَن رَضِي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا

صرخة الإيمان، إذا نظرنا إليها من زاوية العمل السياسي، فإنها لا تخص الفعل الفردي من حيث إلهام الله، سبحانه وتعالى، للنفس فجوراً وتقوى، بحيث نبرر أفعال بعض ممن يقودوننا في دولنا الإسلامية بما فيها من فوضى وأزمات وكوارث وفتن، بحجة أنهم في النهاية مسؤولون عن فلاح أنفسهم أو خيبتها، وإنما هي مساءلة حول القرارات والمواقف الراهنة، التي تخص الأحياء، ولا تعني السابقين في شيء.. إنها الحاضر بكل ما فيه، وما سيترتب عليه في المستقبل القريب.

صرخة الإيمان، هي أيضاً شراكة في عالم القيم، بحيث نذهب إلى الآخر لنتعايش معه ونحاوره، لأن التعارف مع البشر بمعناه العام مطلوب، بل إنه أمر إلهي، لكن شرط ألا يكون نقيضاً لأخوة الإيمان، ولا لمفهوم الأمة الواحدة، حتى لو شغلتنا أوطاننا، وأقوامنا، وأعراقنا، ومذاهبنا.. وما أكثرها اليوم.