الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الشيعة والكرد.. خيط العنكبوت

قامت العملية السياسية على ثقلين أساسيين في العراق منذ اليوم الأول لإزاحة النظام السابق عام 2003، هما: القوى الشيعية، وهي أحزاب عاشت فترة معارضتها للنظام في إيران والمهجر، والأحزاب الكردية التي كانت قد انتزعت حالة من الحكم شبه المستقل في أعقاب غزو الكويت، وانسحاب الدولة العراقية من 3 محافظات تمثل إقليم كردستان حالياً، واستمر التحالف الشيعي ـ الكردي كركيزة في قيام الحكومات العراقية عقب الاحتلال الأمريكي.

وفي عام 2012، عاشت العلاقات الشيعية ـ الكردية أولى انتكاساتها في التوتر الذي شهدته حكومة نوري المالكي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني، رئيس الإقليم الكردي حينها، وحدثت احتكاكات عسكرية، لا سيما في منطقة عمليات دجلة، سبقها سحب الكرد مسؤوليهم من المناصب الحكومية التي جُمدوا عملياً فيها ببغداد، ومنها منصب رئيس أركان الجيش، ثم جاءت فترة من الهدوء الحذر، حتى قام تنظيم داعش باحتلال الموصل، وتقدم نحو كركوك حيث مركز النفط، وانسحبت قوات الجيش، وتولت القوات الكردية مهمة حماية كركوك ومنع داعش من الوصول إليها، واستقبل الإقليم الكردي في يونيو 2014، القوات العراقية التي انسحبت من دون تخطيط من الموصل التي تمّت سيطرة داعش عليها.

في عام 2018، أقام إقليم كردستان استفتاء الاستقلال وتقرير المصير، في خطوة عدّتها الحكومة ببغداد خروجاً عن الدستور، الذي وافق عليه الكرد في النظام الفيدرالي، وفشل الاستفتاء بتحريك قوات حكومية وقوات الحشد نحو كركوك وانتزاع إدارتها من الأحزاب الكردية، الأمر الذي عدّه الإقليم انقلاباً، لكنّه رضخ لنتائجه مرغماً بسبب تباين وجهات النظر بين حزبَي الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني، فضلاً عن عدم تلقيه دعماً دولياً، طالما عوّل عليه في علاقته مع بغداد، وقبل أيام، حرق أنصار ميليشيات الحشد (شيعة) مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد وكذلك أحرقوا علم الإقليم الكردي وهو جزء من العراق، بسبب تصريحات لقيادي كردي طالب بإبعاد الميليشيات غير المنضبطة عن المنطقة الخضراء، والتي تقوم بقصف المطار والمقار الدبلوماسية بما يمس بأمن البلد وسمعته الدولية.


الرد المبالغ به من الميليشيات كان تعبيراً عن تراكمات شيعية مضادة للكرد، وجدت لها متنفساً عبر سبب ثانوي، لا سيما أن الكرد انتزعوا نقطة صعبة في اتفاق مع بغداد على إقصاء الميليشيات عن قضاء سنجار المحاذي للإقليم.


الشيعة والكرد كانا دائماً مثل العنكبوت يبنيان شكلاً سياسياً متناسقاً، لكنه بناء واهن.