الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

الانتخابات الأمريكية.. والرهان الخاطئ

يتمنّى بعض المحللين العرب وصول «جو بايدن» إلى البيت الأبيض بدلاً من الرئيس دونالد ترامب، بحجة عشقهم ليبرالية بايدن، ولا ملامة في العشق، ومعظم المتعلقين به يرددون: إن بايدن سوف يكون أقل انحيازاً إلى إسرائيل، ومن ثم أكثر إنصافاً للقضية الفلسطينية، رغم أن ما صدر عنه من تصريحات لا ينبئ بشيء من هذا، ففي بداية حملته الانتخابية، قال: إنه لو كان في موقع ترامب لما نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، لكنه قال أيضاً: «أمَا وأن السفارة نقلت إلى القدس فلا يمكن أن نعيدها ثانيةً»، أي أن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لن يمس، وبات أمراً واقعاً.

وقال بايدن أيضاً: إنه سوف يضغط على الفلسطينيين والإسرائيليين للجلوس معاً للحوار، ونحن نعرف أن السلطة الوطنية هي التي علقت الحوار والتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية، ما يعني أنه سوف يضغط على الفلسطينيين للجلوس والحوار فقط، بالرغم من قوله: أنه سيعمل على جعل حل الدولتين ممكناً.

حين وصل أوباما إلى البيت الأبيض في يناير 2009، تعهد بأن يحقق حل الدولتين قبل انتهاء مدة رئاسته الأولى، وعيّن مبعوثاً خاصاً للسلام في المنطقة لهذا الغرض، وبعد شهور تبخر كل ذلك ونسي أمر الدولتين تماماً، وبدلاً من أن كنا بإزاء قضية واحدة (فلسطين)، عمل على نشر الفوضى بالمنطقة فكان ما كان، وصرنا نواجه مجموعة قضايا.. القضية السورية ثم الليبية، وكادت مصر أن تنزلق إلى هذا المصير، ليس هذا فقط بل إنه أطلق الضوء الأخضر لتركيا وإيران، كي تكون كل منهما (وصية) على عدد من بلدان المنطقة، وقتها كان بايدن نائباً للرئيس أوباما، أي إنه شريك في كل ما جرى، حتى لو كان بالصمت.


ليس بالضرورة أن يكون بايدن نسخة مكررة من أوباما، كما أن الظروف في المنطقة مختلفة عما كانت عليه قبل 10 سنوات، وما مرت به شعوب المنطقة كشف أمامها كثيراً من الكوارث التي حلَّت بها أيام أوباما.


الواقع أن شخص الرئيس الأمريكي وتوجهاته بالنسبة للمنطقة مهم لنا، وينبغي أن يكون تعاملنا مع الأكثر انحيازاً لاستقرار المنطقة، لا من يريد أن يشعلها ناراً ويملأها فوضى باستنبات الميليشيات الإرهابية، وقد وجدنا بايدن في تصريحات أخيرة وفي المناظرة الوحيدة مع ترامب لم يركز على القضية الفلسطينية، لكنه كان منشغلاً بمغازلة المتأسلمين، حيث استعمل تعبير «إن شاء الله» للتهكم على خصمه، وأسعدهم ذلك، مثلما أسعدهم قول أوباما في بداية محاضرته بجامعة القاهرة سنة 2009: «سلام إليكم».