الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الجزائر.. الاستقطاب المخيف

تجري حملة انتخابية فاترة للغاية حول استفتاء الدستور، حتى إن رئيس الجمهورية لم ينظم لحد الآن أي تجمع شعبي، رغم أن الدستور هو الأساس في برنامجه الانتخابي لبناء الجزائر الجديدة.

وتشهد الساحة السياسية تجاذبات واستقطابات كبيرة، مما ينذر بتحول الدستور المقبل من وثيقة جامعة للجزائريين إلى وثيقة مفرقة لهم.

وقد بدأ الاستقطاب منذ تنصيب لجنة الخبراء لتعديله يوم 8 يناير 2020، برئاسة أستاذ القانون والخبير الدولي أحمد لعرابة، حيث تم اتهام اللجنة بأنها علمانية وموالية لفرنسا، مما شكَّل بسرعة موقفاً معارضاً للدستور الجديد، خاصة في أوساط التيار الجديد الذي يعرف باسم التيار الوطني النوفمبري أو التيار الباديسي النوفمبري، والباديسي هو نسبة للمصلح الجزائري العلامة عبدالحميد بن باديس الذي أسّس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1931، أما النوفمبري فهو نسبة لثورة أول نوفمبر 1954 ضد الاحتلال الفرنسي.

وفي العموم فإن هذا التيار هو الذي التف بقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح رحمه الله خلال الحراك الشعبي الذي انطلق يوم 22 فبراير 2019، وساند المترشح عبدالمجيد تبون، لذلك فإن موقفه من الدستور يعتبر مؤشراً مهماً للغاية.

الاستقطاب تجلى أيضاً، مباشرة بعد توزيع مسودة الدستور على المجتمع المدني والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية لإثرائه، ثم زاد حدة بعد صدور المشروع الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه لتضمنه 4 قضايا مثيرة للجدل، هي:

أولاً– التنصيص على أن الأمازيغية لغة وطنية ورسمية، لكن تطبيقها مؤجل، حتى يتم إنشاء مجلس لتطوير اللهجات الأمازيغية الـ13 ـــ وهناك من يرى أن عددها 17ــ وترقيتها إلى لغة، كما تضمنت الديباجة أن الجزائر أرض عربية وأمازيغية، وهذه القضية لم تُرضِ الغالبية من الشعب.

ثانياً– التنصيص على تحييد المدرسة من العامل الأيديولوجي، بينما التيار الوطني اقترح أن يتم تحييدها عن التأثير الحزبي.

ثالثاً – إدراج المواثيق الدولية في ديباجة الدستور، الأمر الذي جعل التيار الوطني يرى أن ذلك لغماً يستهدف الدين الإسلامي من خلال حرية المعتقد والردة، وما شابههما.

4 – التنصيص على المشاركة عسكريّاً خارج الحدود، الأمر الذي جعل التيار الوطني يعتقد أن ذلك فخ لتدمير القوة العسكرية الجزائرية.

في المحصلة، إذا جاءت نسبة المشاركة ضعيفة، فالدستور سيكون ناقص الشرعية، وإذا قاطعت منطقة «القبائل» سيتنامى الفكر الانفصالي، وإذا تم التصويت بـ«لا» ستعود البلاد إلى نقطة الصفر.. إنه الاستقطاب المخيف.