الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«دوريس ليسنج».. وسؤال «الماضي الهمجي»

في كتاب «سجون نختار أن نحيا فيها» تقدم الروائية البريطانية دوريس ليسنج (1919 ـ 2013) خمس من المحاضرات حول مواضيع سياسية وثقافية وفلسفية، ويمكن القول إنها محاضرات في التطور الإنساني.

هذه المحاضرات تعكس اهتمام دوريس ليسنج برفض التمييز العنصري والقهر السياسي الاجتماعي، الذي عبرت عنه في أعمالها الروائية، التي عكست الأحوال الإنسانية في السياق الاجتماعي الواسع وليس في الإطار الشخصي.

هذا الكتاب الذي نقلته إلى اللغة العربية المترجمة سهير صبري (2019)، تحاول فيه دوريس ليسنج الإجابة عن سؤال طالما شغلها وهو: إلى أي مدى وبأي تواتر يهيمن علينا ماضينا الهمجي، كأفراد وجماعات؟ والإجابة تتلخص في أننا قد نبدو أحياناً بلا حول ولا قوة، فإننا نجمع وبسرعة كبيرة المعرفة عن أنفسنا، ليس كأفراد فحسب بل كجماعات.


هذه الإجابة تؤكد مخاوف دوريس ليسنج من أن نعيش في زمن من المخيف فيه أن نكون أحياء، حيث يصعب أن نفكر في بني البشر كمخلوقات عاقلة، ورغم كل الهمجية التي تحيط بنا، هناك قوى أخرى مماثلة مثل قوى العقل والرشد والتحضر.


وترفض دوريس ليسنج فكرة رؤية أنفسنا على صواب والآخرين على خطأ، بمعنى أن قضيتنا حق، وقضيتهم باطل. لأنه في غضون جيل أو جيلين، من المحتمل أن تصبح طريقة تفكيري الحالية إما مدعاة للسخرية أو قديمة جداً.

نشأت دوريس ليسنج في (روديسيا الجنوبية القديمة)، بلد كانت تهيمن فيه أقلية بيضاء صغيرة على الأغلبية السوداء، وكانت مواقف البيض إزاء السود متعصِّبة، والأهم أن هذه المواقف غير قابلة للتغيير، ويرجع ذلك وفق دوريس ليسنج إلى حب الناس للأمور اليقينية.

سؤال مهم آخر تطرحه دوريس ليسنج وهو: كيف سنبدو للقادمين من بعدنا؟.. السؤال لم يأتِ من اهتمام فارغ، بل يشكل مسألة مهمة في الحكم على أنفسنا، إذ كل من يقرأ التاريخ يدرك أن القناعات القوية الموجودة في زمن ما عادة ما تبدو سطحية وغريبة للزمن التالي.. فما نعيشه، في أي زمن هو وقع العواطف الجماعية والظروف الاجتماعية المحيطة بنا التي لا نستطيع أن نفصل أنفسنا عنها.

تعترف الروائية دوريس ليسنج بأنها كانت تبحث، مع تفتح وعيها، عن حقائق ووقائع جديدة، وركزت على فكرة: «ماذا لو جعلنا الحرب مستحيلة؟» لا شك أن الدنيا سوف تمتلئ بالبشر الرائعين.