الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

العراق.. مأزق الجولة الأوروبية

تثير زيارة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي إلى الثلاثي، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، عدداً من القضايا حول جدواها تجتمع في: ما الذي يمكن أن يلمسه الأوروبيون كتغيير حقيقي في العراق يختلف عما كان سائداً فيه قبل سنة لكي يفتحوا صفحة جديدة لم تكن من قبل في العلاقات المشتركة؟

توقيت الزيارة كان محاصراً بثلاثة عوامل ضاغطة، أولها الجائحة التي وضع اقتصادات الدول المتقدمة في وضع سيء من حيث النمو والبطالة والتداعيات المتراكمة غير واضحة الحسم، وثانياً، أن بريطانيا من جهة وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى هي أقطاب عملية "بريكست" المتعثرة في انجاز اتفاقاتها التجارية والاقتصادية، وأن الأفق غير واضح في حصر خسائر الطرفين بعد هذا الطلاق العنيف في مخرجاته.

ثالثاً، أنّ الدول الثلاث التي زارها الوفد العراقي تنتظر التحولات الانتخابية في الولايات المتحدة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من العلاقة الأوروبية مع واشنطن بعد ما لحق بها من هزّات لا يستهان بها عند سحب الأوروبيين شركاتهم من إيران، بعد فرض الولايات المتحدة العقوبات وانسحابها من الاتفاق النووي الذي لا تزال الدول الأوروبية المعنية تتمسك به كخيار وحيد للحل.


في ضوء ذلك، لا تستطيع الحكومة العراقية أن تبني أكثر من تفاهمات، قد تتعرض للنسف مع مجيء حكومة جديدة في بغداد بعد الانتخابات النيابية المبكرة المقررة في حزيزان 2021.


لكن في المقابل، تحتاج بغداد أن تعبر سريعاً من مضائق عدة بدعم أوروبي في مجال مكافحة الإرهاب، ومحاولة إيجاد علاقة تعويضية نسبية في حال مضت الولايات المتحدة في تهديدها بغلق سفارتها وسحب قواتها كافة أو الجهد الأساس منها، كما تحتاج الحكومة ضمانات لاستمرار تدفق الإيداع العراقي من إيرادات النفط في البنك الفيدرالي الأمريكي في حال تأزمت العلاقات بحكم نفوذ المليشيات المتنفذة في الوضع العراقي وصلتها بإيران وامكانيتها في تعكير أي مسار بقرار خارج عن إرادة الحكومة العراقية، ذلك أن الشاغل الاقتصادي حاسم في الوضع العراقي لاسيما أن احتجاجات الشارع على الفساد ونهب المال العام والبطالة واستغلال الأحزاب للسلطة لا تزال موجودة بعد سنة من اندلاعها، ومن الممكن أن تزداد معدلاتها التي حدت منها جائحة كورونا.

في إطار العمر القصير لحكومة الكاظمي لم تكن هناك فرصة أخرى للقيام بهذه الجولة، حتى لو كانت حصيلتها متواضعة.