السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أردوغان وماكرون.. تجييش العداء

في تاريخ العلاقات الفرنسية ـ التركية المليئة بالخلافات العميقة، لم يسبق للخطاب الدبلوماسي بين البلدين أن وصل إلى هذه المستويات من التوتر والتشنج، فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يستغل أي مناسبة لتوجيه سهام مسمومة لشخص الرئيس إيمانويل ماكرون، مشككاً في صحته العقلية، ما دفع باريس إلى استدعاء سفيرها في تركيا، احتجاجاً على أسلوب أردوغان الذي كسر كل الطقوس الدبلوماسية.

معركة المصالح التي نشبت بين ماكرون وأردوغان، قد تتحول إلى معركة كسر عظام، وهذا يشرح العنف الكلامي الذي لجأت إليه القيادة التركية للتعامل مع الفرنسيين، حتى إنها توصلت إلى قناعة، مفادها: أن إيمانويل ماكرون هو الرجل الأوروبي الوحيد، وفرنسا الدولة الأوربية الوحيدة التي تريد بعزم قوي وإرادة فولاذية، أن تنسف المخطط التوسعي التركي على جميع المستويات.. مستوى الحدود البحرية التي يريد أردوغان إعادة كتابها، لتحقيق حلم الوطن الأزرق، ومستوى النفوذ الأيديولوجي والسياسي، عبر قطع الطريق على الجمعيات الدينية المتعاطفة مع الخط المتطرف للرئيس التركي.

عدة خيارات جعلت فرنسا تلعب أدواراً مفصلية للحد من التمدد التركي، بدءاً بمعارضتها الطعن في الظهر الذي تعرض لها أكراد سوريا، الذين تعتبرهم فرنسا الجيش الذي هزم، ميدانياً، تنظيم الدول الإسلامية في العراق وسوريا.. مروراً بمعارضتها التدخل العسكري التركي في ليبيا ونقل مرتزقة وإرهابيين إليها، وسيطرتها على حدود بحرية جديدة.. مروراً أيضاً بأزمة الحدود البحرية مع اليونان، ومحاولة تركيا فرض سياسة الأمر الواقع باللجوء إلى القوة.. ونهاية بصب الزيت على النزاع الأذربيجاني الأرمني.


فرنسا وقفت ضد المشروع الأردوغاني الذي يقال إن دوافعه الداخلية، هي محركه الأساسي برفع عصا العقوبات الأوروبية على الاقتصاد التركي، وعندما كانت القيادة التركية مقتنعة أن الانقسامات الأوروبية قد تنسف هذا المشروع، تعاملت معها بتحدٍّ وعنجهية، لكن عندما قرر الرئيس إيمانويل ماكرون، على خلفية ذبح المدرس الفرنسي صامويل باتي، اتخاذ إجراءات ضاغطة على الجمعيات المتعاطفة مع الخطاب الديني المتطرف، والتي عادة ما تربطها علاقات مصالح مع الخيارات التركية، استشاط أردوغان غضباً وصوَّب مدافعه تجاه شخص الرئيس ماكرون في محاولة شيطنته، وتحويله العدو رقم واحد للإسلام والمسلمين في العالم، ثم الدعوة لمقاطعة البضائع الفرنسية، التي يعتبرها أردوغان، حالياً، سلاحه لمعاقبة ماكرون عالمياً.