الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

كورونا.. وتغيير أنماط التفكير

بسبب القيود والمحاذير التي فرضها فيروس «كورونا»، تحدث تغيرات متواصلة وثابتة في طريقة تعاطينا مع الحياة العملية، وعندما كنا نستشعرها في بداية الأمر، اعتقدنا أن هذه التغيرات مؤقتة، وبعد مضي 8 أشهر من متابعة المحاضرات والمؤتمرات الافتراضية، يبدو أن هذه التغيرات أصبحت دائمة.

يعتقد البعض أن قطاع البحث والتعليم هو الأكثر تأثراً بالمحاذير المفروضة على السفر على المستوى الوطني أو الدولي، ولم يعد بإمكان الطلاب التجمع في الحرم الجامعي، وليس في وسع الطلاب الأجانب دخول الدول التي يرغبون بالدراسة فيها، وهم يهدرون وقتاً ثميناً من عمرهم وهم في انتظار رفع تلك القيود، وتم إلغاء معظم الرحلات البحثية، وأصبحت التجمعات عبر الإنترنت جزءاً ثابتاً من أعمالنا، ويمكن تحويل المحاذير والمساوىء التي تنطوي عليها قيود السفر إلى فرصة جديدة للبعض.

ذات يوم ألقيت محاضرة أمام طلاب صينيين في جامعة تسينغهوا، وهي واحدة من أعرق الجامعات في الصين، ومن دون أن أتحرك من مكتبي في طوكيو، وتشتمل قائمة المشاركين الضيوف في سلسلة المحاضرات التي تتناول الأوضاع في الشرق الأوسط، وينظمها معهد الدراسات الدولية في جامعة تسينغهوا، علماء من المغرب والإمارات وإسرائيل وبريطانيا، ولو لم يكن هناك فيروس كورونا وما أدى إليه من منع للسفر واستبدال المحاضرات المباشرة بالطرق الافتراضية، لكان تنظيم مثل هذه السلسلة من المحاضرات، التي يشارك فيها عدد كبير من المحاضرين الذين أتوا من مختلف بقاع الأرض، أمراً بالغ الصعوبة، وقد كان في وسعي أن أشعر من خلال محاضراتي وردود الأفعال التي عبر عنها الجمهور، أن البحث الأكاديمي الصيني حول الشرق الأوسط يمر بحالة من التغيير الجوهري، ولم يكن الأمر بسبب كورونا، إلا أن هذا الفيروس عمل على تسريع الوتيرة التي يتم بموجبها هذا التغيير.


وكانت الصين منذ وقت طويل تتعاون مع بلدان الشرق الأوسط ضمن إطار «العالم الثالث» أو أعداء الاستعمار، أو في إطار العلاقة بين الدول النامية، وغالباً ما كانت تتم بين البلدان المعادية لأمريكا، وفي مقابل ذلك، تبدو الاهتمامات الأكاديمية الصينية الناشئة حديثاً في مجال الدراسات المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، أشبه بمصالح الولايات المتحدة أو اليابان، أو تلك المصالح الخاصة بالدول الصناعية المتقدمة عموماً، والتي تجري أبحاثاً حول الدول النامية.


وهناك تغير آخر بدأ بالظهور والانتشار السريع، ويتعلق بالوجود العلني لإسرائيل في المنطقة والتعايش الجديد بين العلماء الإسرائيليين والخليجيين في المسرح العام، وحتى من دون انتظار تنفيذ القرار المتعلق بالإعفاء من تأشيرة الدخول أو الإقامة أو إطلاق الرحلات الجوية التجارية الأسبوعية بين الإمارات وإسرائيل، يتشارك بعض المثقفين الإماراتيين والباحثين الإسرائيليين المنصة الافتراضية المشتركة علناً، ووفق تناقض واضح عما كان عليه الحال في الماضي القريب. يبدو أن التغيرات الطارئة متعددة الأوجه على أنماط التفكير، مستمرة بوجود أو عدم وجود تأثيرات كورونا.