الجمعة - 06 ديسمبر 2024
الجمعة - 06 ديسمبر 2024

قطر و«الجزيرة».. ثقافة التفجير عن بعد

تبقى أكبر جرائم القرن جريمة تفخيخ الوعي الشعبي العربي، وضرب الثوابت الوطنية والسياسية وحتى الإنسانية داخل الدول العربية تمهيداً لتفجيرها عن بعد عن طريق أدوات وظيفية محلية، منها: ما تلعب بوعي وبخطة مسبقة (دور الطابور الخامس مثلاً)، ومنها ما ينفذ (دون وعي) بالترديد والترويج لمفخخات لفظية، تحمل في طياتها ضرباً للإجماع الشعبي، وإضعاف المقاومة الوجدانية الوطنية.

وجاءت ليبيا في مقدمة المستهدفين، نظراً لثروتها وموقعها الجغرافي، إذْ استهدفها بعض القوى الغربية وركز عليها بتصويب الفوهة الإعلامية القطرية (قناة الجزيرة) من جانب، وفوهة المنظمات غير الحكومية من جانب آخر في استراتيجية تستهدف تفكيك ليبيا تماماً، وإعادة صياغتها بما يتوافق مع مشروعات التخريب الكبرى.

لقد قامت قناة الجزيرة بدور صانع المبرر للمجموعات الإرهابية والأقليات والمجموعات العرقية والفئوية، في ليبيا ومنها ما لا يتعدى عدد أفرادها 50 شخصاً، باعتبارهم مجموعة سياسية أو عرقية أو فئوية لها رأي وحقوق، سبق العمل على خلقها (إعلامياً) وإنضاجها (استخباراتيّاً) وتجسيدها (سياسيّاً) في حالة من التفخيخ العام، والبرمجة اللغوية العصبية، وتبديل للمفاهيم الإنسانية والثوابت الوطنية الراسخة لتنفجر على أيّ مائدة تستهدف الإجماع الوطني.

كما تأتي الفوهة الثانية لتنفيذ مهمات شرْعَنَة الأدوات الإرهابية الوظيفية، وسترها بأغطية حقوقية ومطلبية وإنسانية باستخدام المنظمات غير الحكومية، التي ينطلق بعضها من قطر ويحمل اسمها مع غطاء (خيري)، وبعضها الآخر من منظمات تنطلق من تركيا (بغطاء إنساني)، ومعهما ما ينطلق من دول أوروبية ليتخذ (الصفة الدولية) بغطاء حقوقي غارق في التمويل القطري مثل مركز (الحوار الإنساني) ومقره جنيف، والذي أسندت إليه مهمة عقد 77 لقاءً تشاوريّاً على مدار عام مع مجموعات ليبية داخل ليبيا، وأثمرت هذه اللقاءات مؤخراً عن لقاءين ليبيين، احتضنتهما مدينتا مونترو ولوزان السويسريتان الشهر الماضي.

وانتهى اللقاءان إلى إنتاج توصيات تضمن بشكل مستتر وجود عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي في مفاصل المستقبل الليبي، وهذه التوصيات قوبلت بحالة غضب ليبي عارم بما يهدد الإجماع الوطني في الملتقى السياسي الشامل بتونس، في 9 نوفمبر الجاري، ما يعني استمراراً لعدم التوافق الليبي، وهو أحد التكتيكات المرحلية التي تستخدمها قطر وتركيا ومن خلفهما، استثماراً في الفوضى وعدم الاستقرار، وعدم التوافق الذي يوصل إلى اتفاق ليبي يضر مشروعها في ليبيا، التي تعد الحاضن للأدوات التي تمثلها التنظيمات الإرهابية، وفي القلب منها تنظيم الإخوان الإرهابي.

وتبقى عمليات تفجير سيارة، وانفجار قنبلة أو حزام ناسف هما أقل أنواع التفجير، كونهما يأتيان في إطار إعلان وجود التنظيمات الإرهابية والأدوات الوظيفية، كإحدى الوسائل المستخدمة في عملية تفجير الأوطان من الداخل.