الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ماكرون.. وتفعيل الأصوليين

نجحت تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون، حول ما أسماه الإرهاب الإسلامي، في أن تقلب دفة الأمور، وكان قطع رأس المدرس الفرنسي كافياً لأن يتباحث الجميع حول خطورة التطرف المتأسلم، وتحوله إلى ممارسة الإرهاب، لكن تصريحات ماكرون قلبت الأمور، فكانت المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي تتهيأ للاعتذار، وإثبات أن الإسلام بريء من تلك الجريمة، وبعد التصريحات باتت مطالبة بالدفاع عن الإسلام وعن نبيه أولاً وأخيراً، ونشط الأصوليون في كل مكان وراحوا يصرخون، ووجدها الرئيس التركي فرصة لإثبات أنه وحده من يذود عن الإسلام ونبيه في مواجهة الصليبي ماكرون، وكانت الدعوة لمقاطعة فرنسا اقتصادياً، والمعنى الضمني استبدال ما هو فرنسي بما هو تركي، أي إنقاذ الرئيس التركي اقتصادياً.

في عام 2006، ظهرت مشكلة مشابهة مع الدانمارك، مظاهرات حول سفاراتها بعدد من الدول العربية والإسلامية، دعوات للمقاطعة، ثم هدأت الأمور، لم تتم المقاطعة لسبب عملي، وهو أن الدنمارك المصدر الأكبر لدواء مرض السكري (الأنسولين)، وانتهت غزوة الدنمارك بانتعاش جماعات التطرف والإرهاب، وبدا وقتها تعاطف صامت في بعض القطاعات مع أسامة بن لادن وتنظيمه الإرهابي، وتهيؤوا جميعاً للقفز على الحكم في عدد من دول المنطقة.

اليوم يعيد التاريخ نفسه وينتعش الأصوليون بفضل تصريحات ماكرون غير المدروسة، قصيرة النظر، كثير من التعليقات العربية عبر سوشيال ميديا، اعتبرت الإرهابي قاطع رأس المدرس الفرنسي شهيداً، استشهد دفاعاً عن رسول الله، واعتبروا الشاب الذي قطع رأس عجوز فرنسية داخل الكنيسة فتى غضب لرسول الله.


نحن نشهد عودة مجددة لأصوات التشدد والأصولية، حتى غير الأصوليين راحوا يتحدثون عن مؤامرة مخابراتية فرنسية كبرى ضد الشباب المسلم، لشن حملة جديدة على الإسلام.


أنا على يقين أن مقاطعة البضائع الفرنسية لن تتحقق، وسوف تتجاوز القنوات الدبلوماسية تلك الأزمة، وقرأنا تصريحات ودودة تجاه الإسلام من مسؤولين فرنسيين كبار، الرئيس ماكرون بدأ يركز أكثر على مواجهة كورونا، وهو حريص على علاقات فرنسا وصورتها في العالم العربي، لكنّ الأصوليين أمسكوا بيدهم تصريحات ماكرون ويصرخون: «إلا رسول الله».. لقد واجه رسول الله إساءات أنكى وأشد، وصل بعضها إلى الاعتداء عليه، تعامل معها جميعاً بتسامح وترفع، ولم يرد إساءة بإساءة قط، وعلمنا القرآن الكريم أن ندفع السيئة بالحسنة، لو قلت لهم ذلك لاتهموك في دينك، لأن الهدف النهائي عندهم هو أن يعودوا إلى السيطرة على بلاد المنطقة، كما حاولوا، ولا يزالون يحاولون.