الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

انخفاض الليرة التركية.. الدلالة السياسية

يبدو أن القاعدة الاقتصادية التي تقول: إن زيادة الانخفاض في سعر الليرة الرسمية في الدول المصدرة، سوف يساعدها على تحسين أدائها الاقتصادي، لا تنطبق على الأوضاع الاقتصادية في تركيا، فزيادة التصدير بسبب انخفاض سعر الليرة، وإن كان واضحاً بنسب قليلة، إلا أنه يعود بالضرر الأكبر على أوضاع الاقتصاد الداخلي، فهو يؤدي إلى انخفاض قيمتها الشرائية، وبالتالي تأثيرات اجتماعية غير محمودة، وردود أفعال احتجاجية في الأوساط الشعبية الفقيرة الأكثر تضرراً من ذلك، وهو ما يؤثر سلباً في شعبية الحكومة، فالمعادلة الاقتصادية، وإن كانت تهدف للاستفادة من تخفيض سعر الليرة لزيادة الصادرات الخارجية، إلا أن تأثيراتها السلبية ليست على الاقتصاد الداخلي فقط، وإنما لها تأثير اجتماعي وسياسي سلبي بدرجة أكبر وأوسع.

ولعل دعوة رئيس حزب الحركة القومية دولة باهتشيلي، وهو من تحالف السلطة، إلى الشعب التركي بإظهار التضامن الاجتماعي بالعمل بمبدأ «سلة الخبز المعلقة» في الأحياء الفقيرة، هي مؤشر على تدهور الأوضاع الاقتصادية الداخلية أولاً، وإحساس أحزاب السلطة بهذا التأثير الاجتماعي في مستقبل الأوضاع السياسية أيضاً، فانخفاض سعر الليرة سيؤدي إلى انخفاض مستوى دخل الفرد وانخفاض قدرته الشرائية، وهو ما يؤدي إلى نفور الشعب من سياسيات الحكومة.

وما يؤكد ذلك، أن زيادة الصادرات في تركيا، من الناحية الفعلية، لم تحسن من مستوى الميزان التجاري الخارجي، كما جاء في البيانات الاقتصادية، ومنها البيانات التركية التي تؤكد أن العجز التجاري التركي قد زاد ثلاثة أضعاف في شهر سبتمبر الماضي، حيث صرح معهد الإحصاء التركي: «إن عجز التجارة الخارجية للبلاد زاد بنسبة 189.6% على أساس سنوي في سبتمبر، ليصل إلى 4.828 مليار دولار، وفقاً لنظام التجارة العام»، بينما زادت نسبة الصادرات بحسب المعهد نفسه بنسبة 4.8%، بالرغم من تسجيل الدولار الأمريكي في الأيام الأخيرة رقماً قياسياً في تركيا بلغ 8.50 ليرة تركية، ووصل اليورو إلى مستوى 10 ليرات تركية.


بينما يرى محللون اقتصاديون أن ذلك يعود لأسباب سياسية، وليس اقتصادية فقط، ومنها المخاوف من فرض عقوبات أمريكية وعقوبات من حلف الناتو على تركيا، بعد التأكد من اختبار تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الصاروخية الروسية إس 400 بتاريخ 16 أكتوبر الماضي، فضلاً عن تأثير الاحتمالات الأخرى، مثل أزمة كورونا داخلياً وخارجياً، ومن تراجعات اقتصادية لأسباب سياسية، مع روسيا وفرنسا وألمانيا وعدد من الدول العربية في الخليج العربي وسوريا وليبيا والعراق وغيرها.