الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الجزائر.. ديمقراطية سعيدة وشعب حزين

انتهى الاستفتاء على الدستور في الجزائر بالمعادلة التالية: ديمقراطية سعيدة وشعب حزين، حيث ولّد تساؤلات وتخوفات أكثر من إفرازه إشراقة آمال حقيقية لبناء جزائر جديدة.

جرى الاستفتاء في ظروف صعبة، تميزت بانتشار كورونا، ورفض واسع للمشروع، ومرض الرئيس الموجود في ألمانيا للعلاج، وكانت هذه كافية لتأجيل الاستفتاء كما قلت في مقال سابق، لذلك جاءت نسبة المشاركة ضعيفة جداً بلغت 23.7 %، بما يعادل 5.6 مليون صوت من أصل 24 مليون ناخب، وبلغت الأوراق الملغاة 600 ألف ورقة، بمعنى أن الأصوات المعبر عنها فعلا هي 5 ملايين فقط.

وصوّت بنعم 3.3 مليون صوت، بنسبة 66.8%، في حين بلغت الأصوات الرافضة 1.6 مليون صوت بنسبة 33.2%، بينما ارتفعت المقاطعة إلى 77%.

وهذا يعني أن نسبة التصويت بنعم تقل عن 15 % من أصل 24.5 مليون ناخب، أي أن 3 ملايين صوت فرضوا إرادتهم على 24.5 مليون ناخب وعلى 44 مليون مواطن، مما جعل كثيراً من المراقبين والمحللين يتمنى لو تم إلغاء نتائج الاستفتاء، فأي دستور لا يصوت عليه 77 % من الناخبين، وكان يفترض أن يمر بأكثر من 50% من نسبة المشاركين، أي بأكثر من 12 مليون صوت، غير أن قانون الانتخابات لا يعير أهمية لنسبة المشاركة، وكذلك الديمقراطية.

ولد إذن دستور هش ومطعون فيه، الأمر الذي سيخلق متاعب للنظام حيث تضاف تهمة عدم شرعية الدستور لتهمة عدم شرعية الرئاسيات.

كما أن الرئيس عبدالمجيد تبون ــ بعد شفائه وعودته لممارسة مهامه ـــــــ سيكون في موقف ضعيف، خاصة أنه خسر 1.8 مليون صوت من الأصوات التي انتخبت لصالحه في رئاسيات ديسمبر 2019، وهذا تم تفسيره على أنه استفتاء على شرعيته في حد ذاتها.

كذلك خسرت كل الأحزاب المؤيدة للاستفتاء، ومعها حتى المجتمع المدني، وأصبحت في واد والشعب في واد آخر، كما هناك إشكال كبير للغاية يتعلق بمقاطعة منطقة «القبائل» التي لم تتعدَّ المشاركة فيها 1%، وهي أصوات الأسلاك النظامية مثل: الجيش والدرك والشرطة، مما يجعل المنطقة عملياً تقع خارج المجموعة الوطنية في ظل مطالبة بعضهم بالحكم الذاتي وحتى الانفصال، مما يهدد الوحدة الوطنية، لذلك التهبت شبكات التواصل الاجتماعي مشككة في نزاهة اللعبة.. فأي دستور يصوت عليه 3 ملايين لتحتكم إليه أمة قوامها 44 مليوناً.. لقد أسعد الاستفتاء الديمقراطية.. إذن تحيا الديمقراطية ويسقط الشعب!