الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«الترامبية».. والمشهد الانتخابي الأمريكي

الانتخابات الأمريكية الراهنة التي فار فيها جو بايدن، تعد أطول انتخابات أمريكية في زمن السرعة، تخللها صخب، جذب العالم لمتابعتها، وكأنها الانتخابات العالمية الأولى، الإثارة كان مصدرها شخصية الرئيس دونالد ترامب وسلوكياته التي صارت تعرف في العالم باسم «الترامبية»، والتي بمنطلق منها شكك ترامب في نزاهة الديمقراطية، وفي مصداقية المؤسسات في أمريكا، وأعلن رفضه التخلي عن منصبه في حال خسارته، ولا ندري ماذا يفعل الآن بعد فوز بايدن؟

3 أسس ترتكز عليها الترامبية، وميزت خطابات ترامب وقراراته: «الدين، العرق، القومية»، ترامب مسيحي متدين، وعبر عن انحيازه للعرق الأبيض الأمريكي المحروم من الحقوق التي حظي بها السود واللاتينيون والمسلمون، وشعاره الاقتصادي والاجتماعي «أمريكا أوّلاً» ما أثر على السياسة الخارجية، والتجارة الأمريكية.

هذه الانحيازيات لا تنسجم مع الليبرالية الأمريكية، ولا مع التركيبة السكانية، وهي التي أدت إلى حالة الانقسام المجتمعي التي لم يشهدها التاريخ الأمريكي منذ نهاية حرب الـ100 عام، والتي تجلت بوضوح في الحالة الانفعالية للناخبين الأمريكيين.


في مقابلة خاصة أجرتها صحيفة نيويورك تايمز مع المفكر الأمريكي نعوم تشاومسكي، تطرق فيها إلى سياسة ترامب ووصفها بأنها تمثل قطيعة مع الماضي الأمريكي، بالاتجاه الرجعي الذي يمثله وتجاهله لأزمة المناخ العالمي، واستنزافه للوقود الصخري، وهو ما يؤدي إلى تقويض أية إمكانية لنجاة البشرية من الكارثة البيئية.


واحدة من الظواهر السياسية الغريبة على أمريكا هي تشكُّل جماعات مؤيدة لترامب أقرب للعصابات، إحداها تسمى «QAnon» التي يؤمن أعضاؤها بنظرية مؤامرة يتولى فيها ترامب محاربة جماعات شريرة ديمقراطية تحتل الإدارة الأمريكية تعبد الشيطان وتتاجر بالأطفال، الأمن الأمريكي صنف الجماعة بالإرهابية واعتقل العديد من أعضائها، وكان ترامب قد نفى معرفته شيئاً عنها، لكنه وصف أعضاءها بمحبي الوطن!

يضاف إلى ذلك الأداء غير الناجح لترامب في مواجهة فيروس كورونا، وتركيزه، فقط على دور الصين في انتشار الفيروس وضرورة محاسبتها.

خطاب الرئيس ترامب وُصف، غير مرة، بأنه خطاب يُذكي الكراهية في المجتمع الأمريكي، فهو لا يتحدث عن أمة واحدة، ولم يتعاطف مع الضحايا السود في العمليات الأمنية، وحرم العديد من الجنسيات من دخول أمريكا، وعين قاضية متشددة في المحكمة الدستورية لتصبح الغالبية العظمى في المحكمة لليمين المتطرف.

استناداً إلى التحليلات الأمريكية، فإن «الترامبية» أثارت القلق في الانتخابات، وبثت شائعات قيام حرب أهلية، والتحليلات تشير إلى أن «الترامبية» لن تتلاشى برحيل الرئيس ترامب من البيت الأبيض، بل ستبقى آثارها عقدين من الزمان على الأقل.