خلّد الشعب المغربي، يوم الجمعة الماضي، الذكرى الـ45 للمسيرة الخضراء، وهي من المناسبات الوطنية الجامعة، وواحدة من المحطات التاريخية المحفورة في وجدان كل مغربية ومغربي.
فتلك المسيرة السلمية التي شارك فيها 350 ألف مشارك؛ وهو العدد الذي كان يمثل عدد المواليد المغاربة الجدد سنوياً، تؤرخ لصفحات مشرقة من النضال المغربي من أجل استرجاع ما تبقى من الوحدة الترابية المغربية من الاحتلال. ولا تزال هذه المناسبة الوطنية تشكل نموذجاً فريداً في التعبئة الجماعية والالتزام والانضباط والتشبث بالحق، كما قال العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه الأخير بهذه المناسبة.. معتبراً أن المسيرة ليست مجرد حدث وطني بارز، بل هي مسيرة متواصلة لترسيخ مغربية الصحراء على المستوى الدولي.
ولطالما اعتبر صانع المسيرة الملك الراحل الحسن الثاني: «أن خسارة الصحراء تساوي خسارة العرش المغربي»، ومع استمرار النزاع المزعوم، على اليوم، مع جبهة البوليساريو الانفصالية، بخصوص الصحراء، يؤمن الملك محمد السادس، ومعه الشعب المغربي أجمع، «بأن الصحراء المغربية قضية وجود وليست مسألة حدود».
والاحتفال هذا العام بالمسيرة الخضراء ليس ككل عام، فهو احتفال بطعم النصر بعدما بادرت دولة الإمارات العربية الشقيقة بافتتاح قنصلية لها في مدينة العيون، لتكون أول قنصلية عربية في كبرى مدن الصحراء المغربية، وتاسع تمثيلية دبلوماسية يتم تدشينها خلال مدة لا تتجاوز السنة، وبهذا السبق العربي، يكون المغرب قد حقق طفرة دبلوماسية انتقل فيها من المجال الإفريقي إلى المجال العربي في دعم وحدته الترابية.
ومن المتوقع أن يعقب قرار الإمارات حراك دبلوماسي واقتصادي في الأقاليم الجنوبية، فدولة الإمارات تشكل مركزاً هامّاً في الخليج والمنطقة ككل، وافتتاح قنصليتها في العيون سيدفع مجموعة من الدول العربية إلى اتخاذ النهج ذاته لدعم المغرب، كما أن افتتاح قنصلية إماراتية في العيون سيشكل آلية لتعزيز علاقات التعاون الثنائي بين البلدين وتنمية العلاقات التجارية والثقافية والعلمية، وسيحرك عجلة الاقتصاد في جنوب المغرب، وسيفتح لرجال الأعمال أبواب الاستثمار في المجالات الاقتصادية التي تمتاز بها المنطقة؛ بما في ذلك المجال البحري بعدما أن أكمل المغرب ترسيم حدوده البحرية، هذه السنة؛ خاصة أن الاستثمارات والتمويلات المباشرة الإماراتية بالمغرب تعد في المرتبة الأولى عربيّاً.
وعلى المستوى السياسي، فيعكس هذا القرار التاريخي عمق العلاقات الأخوية بين المغرب والإمارات، ويجسد موقف هذه الأخيرة، الثابت في الدفاع عن حقوق المغرب المشروعة وقضاياه العادلة، ودعمها لسيادة المغرب على كافة أراضيه.. فهنيئاً لنا جميعاً بقرار دولة الإمارات.