السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مظاهر النظام العالمي الجديد

أدى انتشار جائحة فيروس كورونا ونتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة إلى بروز تغيرات جديدة في ميزان القوى العالمي.

ويمكننا الإشارة هنا إلى نقاط مهمة، يتعلق أولها بتأكيد الاتجاه نحو التعددية القطبية للعالم الحديث، وخاصة على خلفية الضعف المزمن لمواقف الغرب، وأصبح تحديد الأطر التي تقوم عليها العلاقات الدولية المعاصرة موضع خلاف عميق بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وهو خلاف بات أكثر وضوحاً من ذي قبل.

وبلغت درجة الاستقطاب التي يعاني منها المجتمع الأمريكي حدودها القصوى، وليس الديمقراطيون ولا الجمهوريون في الوضع المناسب لاقتراح مشروع يهدف إلى عصرنة أمريكا.


وعلى أن العلاقات المتوترة الراهنة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، الصين والولايات المتحدة، أصبحت تذكرنا بشكل متزايد بفترة الحرب الباردة، ووفقاً لهذا التطور، فإن مواقف الدول الكبرى الأخرى مثل الهند والبرازيل وإندونيسيا، بدأت تتقوّى.


ولا بد من توضيح وإبراز الدور المتزايد لروسيا بشكل خاص بما تمتلكه من أسلحة متطورة وذات قوة فائقة، وأيضاً بالدور الذي يلعبه رئيسها فلاديمير بوتين الذي لا يمكن تجاهل السلطة التي يتمتع بها في العالم.

وتتعلق النقطة الثانية في أن الفجوة التي لا تتوقف عن الاتساع بين أغنياء وفقراء العالم لا بد أن تؤدي إلى تأجيج مشاعر الاحتجاج، وفي عام 2019 كان هناك 2208 مليارديرات في العالم يمتلكون ثروة تبلغ 9.1 تريليون دولار، وهذا الرقم أكبر بنسبة 18% عما كان عليه عام 2017.

وترتبط النقطة الثالثة بفيروس كورونا وبتفاقم المشكلات البيئية والمناخية والتي تستدعي تنسيق الجهود المشتركة بين جميع دول العالم من دون استثناء، ويوحي تنامي التحديات العالمية بالحاجة الماسة لتنسيق أكبر للمواقف وتوسيع أطر التعاون والتنسيق لأن الأمر يتعلق بالحياة البشرية برمتها.

رابعاً، يتداول عدد من علماء وخبراء السياسة الأوروبيين والأمريكيين على نحو متزايد، حديثاً يتعلق بما يسمى «الانعطاف اليساري left turn»، وسبق للرئيس السابق دونالد ترامب أن اتهم معارضيه بمحاولة «فرض التعاليم الاشتراكية»، وتشير استطلاعات رأي إلى أن معظم الطلاب في الولايات المتحدة لا يمانعون في أن يكون رئيسهم اشتراكيّاً.

وفي أوروبا، تحظى فكرة العالم الهولندي «روتجير بريغمان» بشعبيَّة متزايدة، وهو يرى أن أداء المجتمع بشكله الراهن يعكس مصالح الأثرياء وحدهم، وهذا أمر مرفوض، وهو ما أدى إلى تراجع حاد لثقة الناس بالسلطات القائمة حالياً.

لقد بات من الواضح الآن أن إعادة ترميم وبناء العلاقات الدولية ليست بالأمر السهل.