الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

المشهد الأمريكي.. والرهانات الفاشلة

كشفت النتائج المبكرة للانتخابات الأمريكية وفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، عن حجم الرهانات الخاسرة لبقايا جماعة الإخوان المسلمين ومحور طهران اللذين لم يخفيا قيد أنملة فرحهما بوصول الديمقراطيين مجدّداً إلى البيت الأبيض، في تعبير عن ضيق الأفق وانعدام الحيلة.

وعبرت مواقف جماعة الإخوان من خلال بيانها الذي رحبت فيه بفوز بايدن، والرسائل السياسية التي بعث بها إعلام محور ما يسمى بالمقاومة أن أحلام هذه التيارات التي لا تنمو إلا في مستنقعات العنف الآسنة، قد تلاشت في تحقيق أي اختراق سياسي بعد أن خسرت آخر معاقلها بسقوط نظام الإخوان في السودان، الذي مثل آخر النماذج الفاشلة لحكم الجماعة، فيما وصلت محطة حزب الله الذي يدعي تزعم قطار «الممانعة» إلى آخره بعد أن بدأ يفاوض إسرائيل علناً لترسيم الحدود بهدف تأمين ظهره المكشوف دولياً، والتفرغ لخوض معركة «تحرير القدس» من شوارع دمشق وصنعاء وبغداد!

وفيما يفصح عنه خطاب تيارات الإسلام السياسي من دلائل، يأتي في مقدمة ذلك الفشل المتكرر في قراءة التحولات الدولية، فالمشهد العربي اليوم ليس هو ذاته الذي كان قبل 10 أعوام، عندما ارتقت تلك الجماعات موجة المطالب الشعبية في بعض الدول العربية، التي كانت تعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة وواقعاً سياسياً معقداً ومرتبكاً، في الوقت الذي كانت تلك الجماعات تتوثب لتحقيق حلمها الذي أعدت له منذ قرن تقريباً، عبر التأسيس الأيديولوجي وتنمية ثقافة العنف.


ومن يتوقف لبرهة عند مسار نمو هذه الجماعات الراديكالية العربية التي انتقلت من طور العنف المباشر، إلى مرحلة تفريخ التنظيمات الإرهابية والأذرع العسكرية، وصولاً للاختباء خلف شعارات الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية التي لا تؤمن بها، لا يخالجه شك أن ما فشلت في تحقيقه عندما كانت في أوج قوتها، لن يتحقق اليوم في ظل إدارة أمريكية غارقة في التحديات الداخلية، السياسية منها والاقتصادية، عوضاً عن الفشل الذريع الذي خلفته سياسية دعم الفوضى في الشرق الأوسط التي ما يزال الغرب يعاني من آثارها كالإرهاب وموجات اللاجئين.


وفي المحصلة، كل الشواهد تؤكد أن الدول المستقرة والمتماسكة سياسياً واقتصادياً لا يهمها من يتربع على عرش البيت الأبيض، فمن تراهن على مثل هذه التحولات الداخلية في أي بلد، ما هي إلا الدول الهشة والمحاصرة أو الجماعات التي فقدت الأمل وتبحث عن قشة نجاة تتعلق بها!