الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

إذا أمطرت أو لم تمطر.. أبكي

في واحة بعيدة عن مصادر المياه الجارية، يعيش أهلها على بعض المياه الجوفية التي تجود حيناً، وتشح أحياناً يعيش رجل وزوجته بلغا من العمر مرحلة لم يعد لهما في الحياة مطمع ولا رغبة إلا سعادة بنتين رزقهما الله بهما، وتعبا في تربيتهما، وتجهيزهما للزواج، إحداهما تزوجت من صانع فخار، والأخرى تزوجت من فلاح.

وكلما سألت الأم زوجها عن حال بنتيهما، يقول لها: «إذا أمطرت أبكي، وإذا ما أمطرت أبكي»، لأن المطر نعمة لإحدى البنتين، ونقمة على الأخرى، والجفاف رزق لإحدى البنتين، وكارثة على الأخرى، فالمطر يسعد زوجة الفلاح لأن رزقه يعتمد عليه، ولكنه نقمة على صانع الفخار لأنه يتلف كل مصنوعاته التي يضعها في الشمس لتجف قبل حرقها بالنار، وعدم نزول المطر يجعل صانع الفخار سعيداً، ويتلف زرع الفلاح، ففي كلتا الحالتين إحدى البنتين حزينة، وزوجها في كارثة اقتصادية، وحياتهما مهددة بالإفلاس.

هذه القصة تصف بدقة حال العرب مع المرشحين للرئاسة الأمريكية، ففوز دونالد ترامب يبعث الأمل في التخلص من شرور إيران وتدخلاتها المفسدة في الدول العربية، ويدعم الموقف العربي الذي يسعى لأن تكون إيران دولة طبيعية لا تسعى لتصدير الثورة، ولا تتدخل لزعزعة استقرار الدول العربية التي تقع ضمن دائرة أحلامها الإمبراطورية، ولكن في نفس الوقت نجد دونالد ترامب يدعم تركيا أردوغان ويقدم لها التغطية الدولية للعبث بمستقبل دول عربية عديدة، وتهديد استقرارها، والعبث بمجتمعاتها، ونشر الإرهاب والتطرف فيها.


وفوز جو بايدن يبعث الأمل في تحجيم دور أردوغان المزعزع للاستقرار في المنطقة العربية، والذي يعمل بشراسة على تفكيك دول عربية تمهيداً لتسليمها للجماعات المتطرفة دينياً التابعة له، وفي نفس الوقت سوف يتخذ جو بايدن موقفاً مرناً، أو رخواً من إيران، وقد يتخذ من السياسات والقرارات ما يخفف عن النظام الإيراني بعض الضغوط التي مارستها إدارة ترامب.


في كلتا الحالتين موقفنا نحن العرب مثل ذلك الرجل وزوجته، إذا فاز ترامب سوف نعاني، وإذا فاز بايدن سوف نعاني أيضاً.. وأما وقد تم إعلان فوز جو بايدن بطريقة سياسية وإعلامية وليست قانونية، وغالب الظن أنه سيكون فوزاً قانونياً قبل يوم التنصيب في 20 يناير القادم. فإن المشهد سيكون أفضل لأن تركيا أكثر خطراً من إيران، وأبعد تأثيراً من نظام الملالي، لأن مساحة التدمير التركي في العالم العربي أكبر، وعمق التأثير أخطر لوجود عملاء وتابعين أكثر عدداً وأشد خيانة.