الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

ليبيا.. حوار في مهبّ المناورات

في ملتقى تونس للحوار الليبي، الذي انطلق الاثنين الماضي، حضرت إرادات كثيرة تتفاوتُ قوتها وتأثيرها ومصالحها.

انعقد اللقاء بدعوة من الأمم المتحدة، وبرعاية للممثلة الخاصة للأمين العام، ستيفاني وليامز، التي حددت معايير اختيار المشاركين، كما حددت القضايا ومواضيع النقاش، وكان أغلب الحاضرين في اللقاء يمثلون إرادات خارجية، وينوبون عن قوى لم تتوقف يوماً عن وضع حطبها في نار الأزمة في ليبيا.

على ذلك تُفهمُ حالة التوجس الشعبي الليبي إزاء اللقاء، وما يمكن أن يسفرَ عنه من مخرجات.. توجسٌّ يمتلك كل وجاهته من استحضار اللقاءات الدولية السابقة، ويتخوف من أن يكون حوار تونس محض استنساخ لما ترتب عن اتفاق الصخيرات (2015) أو عن مؤتمر برلين (2020).


كانت الإرادة الأممية تعلن حرصها على وضع حد للتقاتل الليبي، وكانت الإرادة التركية تضمر بحثها عن مصالحها ومنافع حلفائها من الإخوان وأمراء الحرب، والتقت الإرادتان في التكتيك وتقاطعتا في الاستراتيجيات، وكان من شأن التقاطع بين الإرادتين أن وضع على وزر اللقاء مطبات كثيرة لم تتوصل ستيفاني وليامز إلى تجاوزها.


على ذلك كانت الملفات الأهم، وهي الميليشيات وإبعاد التدخل الخارجي، تمثلان عقبتين أمام مسار الحوار، وتالياً أمام التوصل إلى حل ليبي يقطع مع وضع الاحتراب القائم منذ سنوات. ولعل ما تسرب من أخبار اللقاء، كان يشي بوجود مناورات كثيرة تستهدف فرض شخصيات إخوانية موالية لتركيا في الحكومة الانتقالية الجديدة، المزمع تشكيلها والتي ستشرف على المرحلة التي تسبق الانتخابات.

الشخصيات الليبية الـ75، الحاضرة في المؤتمر، كانت بدورها منقسمة الولاءات، وبالتالي كانت متفاوتة التأثير والقدرة على الفعل، ودخلت المجموعة الإخوانية المتحالفة مع تركيا اللقاء موحدة حول أهداف ومضامين محددة، كانت تدور حول فرض أقصى ما يمكن فرضه من الشخصيات في المؤسسات التنفيذية قيد التفاوض، وحول رفض كل ما يمكن أن يفسد المصالح الإخوانية ومستقبل الحضور التركي، وتماسك إخواني تزداد تأثيراته حين يواجه بانقسام الأطراف الليبية المقابلة، المثقلة بانتماءاتها الاجتماعية والمناطقية والقبلية.

المفارقة أن الحوار الليبي تزامن انطلاقه مع اغتيال المحامية حنان البرعصي الثلاثاء الماضي في بنغازي، ولعلَّ ذلك يمثل حدثاً دالاً على أن زمن العنف لن يتوقف بمجرد توفر الرغبة الأممية، بل يتحقق بزوال العقبتين الأساسيتين المترابطتين، الميليشيات والحضور التركي. وبهذا المعنى يستحيل الحوار الليبي في تونس إلى فصل جديد من فصول الصراع بدل أن يكون منطلقاً لحل الأزمة.