الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

اللاجئون السوريون.. عربة أمام الحصان

من أهم مفرزات الحروب ومآلاتها النزوح واللجوء الذي تفرضه عدة عوامل، كالهروب من الموت أو من الملاحقة الأمنية والظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة بحثاً عن الأمان والاستقرار الاقتصادي، على الرغم من الضريبة الباهظة التي يدفعها كل من اللاجئ والبلد المضيف والوطن الأم، لذلك لا عجب من سعي أطراف القضية كافة إلى عودة اللاجئين وحل القضية مع كافة تبعاتها، وهذا ما يتمّ العمل عليه فيما يخص القضية السورية، والذي عقدت من أجله الحكومة السورية وروسيا مؤتمراً منذ أيام في دمشق، وفي الواقع لا يمكن له أن ينجح إذ وُلد ميتاً، لعدة أسباب، أهمّها:

أولاً، غياب الدور الدولي الفاعل عنه، فقد اقتصر المؤتمر على رعاية دولية متمثلة بروسيا وبعض الدول على استحياء، ولكن ذلك لم يعطه الزخم الدولي اللازم لغياب الدول الفاعلة على الساحة الدولية والمعنية بشكل أساسي بهذه القضية، كونها المستضيف الأكبر للاجئين السوريين والمتمثلة بالاتحاد الأوروبي، الذي يرى أن المؤتمر ليس واقعياً، وأن الحكومات الأوروبية التي تتمنى عودة اللاجئين لا تقبل بعودتهم في هكذا ظروف تعيشها سوريا، علاوة عن المقاطعة الأمريكية له، الأمر الذي يجعل المؤتمر مجرّد خطاب سياسي لا يحرك ساكناً في القضية.

ثانياً، أوضاع سوريا الداخلية، وهو العامل الأبرز في هذا المقام، فاللاجئ عندما هجر وطنه إنما هجر أزيز الرصاص والأوضاع السياسية والاقتصادية المزرية، فلا يمكن بحال أن يعود أحد إلى بلد ما زالت قضاياه السياسية عالقة على طاولات الفرقاء المحليين والدوليين المعنيين بالملف السوري، بالإضافة إلى سوء الأوضاع الاقتصادية في الداخل السوري الذي يعيش أسوأ أيامه منذ ولادة الأزمة بفقدان البنى التحتية من كهرباء ومدارس ورعاية صحية، وضعف الموارد، عداك عن الأزمات المتلاحقة في أبسط مكونات العيش ابتداءً من طوابير الخبز والمحروقات وانتهاءً بالدواء، علاوة على ضيق سبل العيش وانعدام فرص العمل، لا سيما بعد فرض الولايات المتحدة لقانون «قيصر».


لا شك أن قضية عودة اللاجئين إلى وطنهم أسمى قضية لما لها من أبعاد إنسانيّة ووطنية واقتصادية تُسهم في إنعاش الاقتصاد في البلاد المضيفة وفي سوريا التي فقدت خيرة شبابها وعقولها جراء الحرب، ولكن لا يمكن تجاوز الواقع، فاللجوء آخر ملف في الحل، ولا واقعية بالابتداء به ما لم تحلّ أسبابه، إذ لا سيرَ لعربة أمام حصانها.