السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الأضرار الصحية لـ«التعصب القومي»

الفتح الذي تحقق في الحرب على كوفيد19، المتمثل بإنتاج لقاح يكافحه، يواجه صعوبة في كيفية التوزيع، فاللقاح الذي انتظره العالم بفارغ الصبر، يحتاجه الناس في كل أرجاء المعمورة، بنفس الدرجة، ولا يمكن تبريرُ التفاضل في الأولويات أخلاقيا، فالناس متساوون في حق الحياة، وأن الخطر يتهدد الجميع، الأثرياء والفقراء على حدٍ سواء.

لكن محدودية انتاج اللقاح ستحتم اللجوء إلى أساليب معينة لتحديد من يستحقه ابتداءً، ولا شك أن مصلحة بني البشر تقتضي أن يكون العاملون في مجال الصحة قادرين على أداء مهامهم على أتم وجه، وهذا يتطلب تحصينهم من الفيروس، لأنهم يواجهونه يوميا، وهؤلاء يجب أن يحصلوا على اللقاح أولا، كما قال البروفيسور روبرت سالاتا، الصعوبة تكمن في ترتيب الأوليات بعدهم.

مصلحة سكان الأرض تقتضي أن يحصل الجميع على حق التطعيم ضد كوفيد19، ولكن لا يوجد حاليا لقاح لكل فرد منهم، فكيف نوزع المتوفر منه بيننا؟، ومن هم المستحقون قبل غيرهم؟.. مسألة التوزيع تحتاج إلى شفافيةٍ أولا، وتبريرٍ ثانيا.


أخلاقيا، لا يمكن تبريرُ تقديمِ اللقاح للأثرياء قبل الفقراء، أو لشعوب البلدان المتقدمة قبل غيرهم، لكن الالتزام بمبدأ المساواة يصطدم بإمكانيات الواقع، الدكتور الأمريكي أنتوني فاوتشي يبشر بأن اللقاح سيكون متوفرا بكميات كافية بحلول الربيع المقبل.


كوفيد19 الذي أرهب البشرية، يوفر فرصة تأريخية لتحسين الأنظمة الصحية كي تكون قادرة على التعامل مع الأخطار الصحية المماثلة، وحق السلامة ضرورة إنسانية، ليس لأنه صحيح أخلاقيا فحسب، بل لأنه ضروري عمليا، فحماية البشرية من الأمراض المعدية تتطلب أن يكون الجميع في مأمنٍ منها وأن يمتلكوا حق الوقاية والعلاج.

الفساد لم يغِب عن حملة مكافحة كورونا، صفقات شراء الأدوية والمعدات الواقية وتخصيص الأموال قد تخللها فساد في بلدان عديدة، حسب «الشفافية الدولية»، وليس متوقعا أن يخلو توزيع اللقاح من الصفقات الفاسدة، التي ستُبرَم بين الشركات المصنِّعة والمؤسسات الصحية، لأن محدودية العرض تشكل حافزاً لتقديم الرشى للحصول عليه، والفساد وباءٌ يتهدد البشرية، لا يقلُّ خطرا عن كوفيد19، والفاسدون أعداؤنا جميعا، ومكافحتهم ضرورة إنسانية، كضرورة مكافحة الأمراض المعدية.

الدول المتقدمة تحتكر إنتاج اللقاح، وعليها أن تضمن توزيعه العادل على الشعوب الأخرى، حيث أن «التعصب القومي» في توزيع اللقاح خطرٌ آخر، فلن يستطيع بلدٌ أن يكافح الفيروس، أو يتحصن ضده، منفردا.