الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

بَرْق ورَعْد ، والأسوأ لم يأتِ بعد

لَم ولَن يَصْدُق الشيطان إلا مرة واحدة: « وقَالَ اَلشَّيْطَان لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إنَّ اللَّهَ وَعَدَكُم وَعْدَ اَلْحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فَـأخْلَفتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي ولُومُوا أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»( سورة إبراهيم ـ الآية: 21)، لا لوم على أحد فيما حل ويحل بالعرب، لا مؤامرات ولا مخططات، وإنما هي أعمالهم التي سُلِّطَتْ عليهم.
يفوز مَن يفوز، ويخسر مَن يخسر في انتخابات أمريكا أو إسرائيل أو بلاد تركب الأفيال، العرب خاسرون في كل الأحوال، لأنهم ضحايا أنفسهم، ولأنهم ظلموا أنفسهم ولا أحد يتدخل في شؤونهم الداخلية، وإنما هو استدعاء وشيك على بياض للأجنبي كي يدخل، كلنا مجرمون، وكلنا ضحايا، كلنا جُناة، وكلنا مجني علينا، العرب يدفعون فاتورة القبلية والطائفية والمذهبية وجماعات الفسيفساء التي تُسمى «إسلامية»، العرب يعلقون حل أزماتهم علي شرط مستحيل التحقق ويقولون في كل مناسبة وبلا مناسبة: «سنتجاوز المحن ونقهر التحديات بتضامننا وتكاتفنا وتلاحمنا وثقتنا ببعضنا، وهذا شرط لن يتحقق أبداً»، إلا في «المشمش» كما يقول المصريون، نصف العرب لاجؤون ونازحون، وأقل من قليلاً من النصف الآخر مرتزقة يحاربون بالوكالة ويقتلون بعضهم بالإنابة عن قوى إقليمية ودولية وجماعات إرهابية تتغطى بالدين، والدين صار أفيون العرب يمشون بمقولات مغلوطة معصوبي العيون، بدلاً من أن يكون الدين للإفاقة والتدبر وإعادة النظر.
العرب أعداء أنفسهم بامتياز ونجاح، وليس لهم عدو من خارجهم، والعبث العربي هو سيد المشهد كله، الحروب والصراعات والمؤتمرات والندوات والمنتديات والمجالس والتحليلات والإعلام، كل هذا عبث ورفث وفسوق، وفي هذه الأمة لا يصدق سوى قول واحد: «الأسوأ لم يأت بعد»، والذين يحللون الانتخابات الأمريكية أو أي انتخابات في العالم ويتقاضون عن تحليلهم أجراً، ويقارنون بين ترامب وبايدن، لم ولن يقولوا ما هو داء العرب العُضال، هم يلقون باللوم على الآخرين مثل اتِّباع الشيطان، بينما كل شياطين الإنس والجن تقول لهم: «لا تلومونا ولوموا أنفسكم»، ليس ذنب الآخرين أن العرب ليست لديهم أي أوراق على الطاولة الدولية يلعبون بها، بل هم أوراق يلعب بها الآخرون على هذه الطاولة، ولم تعد الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سوى حائط مبكى للعرب، يبكون ظلم وعنف الآخرين، ولا يبكون خطاياهم وذنوبهم، بل» كلما رأوا العذاب» قالوا: إنه عارض ممطرنا، ويستمر البرق والرعد، والأسوأ لم يأت بعد.