الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الحذر.. أفغان عرب جدد

واضح أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب مصمم على إنفاذ قراره بإخلاء أفغانستان تمامًا من الجنود الأمريكيين المتواجدين بها، فقد طلب من قادة البنتاغون الأسبوع الماضي التعجيل بإعادة هؤلاء الجنود إلى الديار قبل احتفالات عيد الميلاد، وهذا الأمر لا يرتبط بالإدارة الجمهورية فقط، فالإدارة الديمقراطية لديها من أيام أوباما الرغبة في الخروج من أفغانستان.

خروج القوات الأمريكية يعني إحداث فراغ عسكري داخل أفغانستان، قد لا تتمكن الحكومة الأفغانية من ملئه، وهذا يعني أن الفرصة ستكون متاحة أمام بعض التنظيمات الإرهابية لتعيد انتشارها هناك، فتنظيم داعش قام بعملية إرهابية في جامعة كابول، وطالبان متواجدة بقوة وكثافة، والدعم القطري والتفاوض الأمريكي معهم زادهم قوة، والحدود بين أفغانستان وكل من باكستان وإيران مفتوحة بما يسمح بإدخال عناصر مسلحة وتهريب العتاد.

في وقت سابق، أيام التدخل السوفياتي، تحولت أفغانستان إلى مغناطيس جذب العناصر المتطرفة من معظم البلاد العربية، عبد الله عزام الفلسطيني، أسامة بن لادن السعودي، أيمن الظواهري المصري وهكذا، ومنذ نهاية الثمانينيات عاد إلينا من أطلق عليهم الأفغان العرب، وأشعلوا النيران في الجزائر وفي مصر وفي اليمن..، فيا ترى هل يعيد التاريخ نفسه وتتكرر المأساة؟


الحكومة الأفغانية الحالية، لديها ميراث ثقيل من الأزمات وبنية تحتيّة متهاوية ومدمرة من جراء عمليات القتال والإرهاب، وقد لا تكون هذه الحكومة قادرة وحدها على مواجهة تداعيات خروج القوات الأمريكية، أي تجهيز قوات رسمية بديلة، مدربة ومسلحة، مع توفر ميزانيات للإنفاق عليها، هنا لابد من أن تنتبه الدول العربية ولا تترك هذا الملف يتكرر.


المنطقة العربية بها فائض إرهابيين متواجدين في سوريا وفي ليبيا وفي اليمن وغيرها، هؤلاء جميعًا مرتزقة، يتحركون مع من يدفع لهم للقيام بالتخريب، وهناك من يسعى جاهدا لنشر الخراب في عالمنا العربي من محيطه إلى خليجه، لذا وارد أن يتم نقل مجموعات إرهابية من المتواجدين حاليا أو غيرهم من الذئاب الجديدة، التي يتم تجنيدها إلى أفغانستان، وهناك يتم اكتسابهم خبرات العنف والإرهاب ثم يعاد تصديرهم إلينا مُجدَّداً، المشكلة جد خطيرة، ويجب أن نحترز منها مُبكَِراً، قبل أن تداهمنا.

العمليات الإرهابية التي جرت مؤخرا في فرنسا وفي النمسا تصرخ فينا: أن الإرهاب يتناسخ ويتناسل، وأن إرهابيين جدد كثر يدخلون الساحة، فقط ينتظرون فرصة، ولا أظن أنهم يمكن أن يجدوا فرصة أفضل من أفغانستان، التي يرون فيها مجدهم ويعدونها قبلتهم.