الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تركيا وبريطانيا.. وحاجات الاتحاد الأوروبي

في الوقت الذي تتفاوض الحكومة البريطانية مع الاتحاد الأوروبي على اتفاق بريكست منذ أربع سنوات دون التوصل إلى اتفاق حتى الآن، وفي الوقت الذي يتم اتخاذ إجراءات من دول الاتحاد الأوروبي لإبعاد تركيا عن الاتحاد، كان آخرها ما صدر عن النّمسا، بأن تركيا تحتاج إلى 50 عاما قبل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وما صاحب ذلك من دعوات فرنسيّة قاسيّة ضد تركيا، فإن ذلك يجعل تركيا تبحث عن إيجاد بدائل لتعاون شركاتها مع الشركات الأوروبية، والبوابة المرحبة بتركيا هي بريطانيا، والتي أخذت بالتوسع من أيام حكومة تيريزا ماي السابقة.

وكانت المناورات العسكرية المشتركة بين البحرية التركية ونظيرتها البريطانية بتاريخ 13 نوفمبر الجاري، والميزة الخاصة لهذه التدريبات المشتركة أنها جرت في شرق البحر المتوسط، وفي ذلك رسالة لما يجري شرق المتوسط من صراعات بين تركيا واليونان على التنقيب على النفط والغاز فيها، وكأن بريطانيا ترسل رسائل إلى دول الاتحاد وبالأخص لليونان وفرنسا وقبرص الرومية، التي هي في حماية بريطانيا في الأصل.

لقد تساءل عدد من المحللين السياسيين عن العلاقات البريطانية ـ التركية المتصاعدة، وتساءلوا: ماذا وراء التقارب التركي البريطاني المغاير لمواقف باقي العواصم الأوروبية تجاه أنقرة؟، وبحثوا عن أسباب هذا التقارب الذي يعد تيارا معاكسا في بحر العلاقات التركية الأوروبية.


يرى البعض أن العلاقات بين البلدين تكسر حالة التوتر الأوروبي ـ التركي، ورأوا أن ذلك يعود لأسباب عدة يتداخل فيها السياسي بالتجاري بالأمني، وبالأخص أن بريطانيا تريد أن تفتح آفاق تعاون تغطي على انفصالها عن الاتحاد الأوروبي، بينما تريد تركيا ايجاد بدائل محتملة لتراجع مكانتها السياسية والاقتصادية في أوروبا، أي أن الحاجة الاقتصادية هي السبب الحقيقي وليس التقارب السياسي، بدليل وقوف بريطانيا صراحة إلى جانب فرنسا في خلافها مع تركيا في الأيام الأخيرة.


إن معدل حجم المبادلات التجارية بين البلدين قد يفسر ذلك، فقد وصلت بينهما إلى 16.3 مليار دولار، وبريطانيا ثاني شريك تجاري أوروبي لتركيا بعد ألمانيا، بينما تبلغ حجم الاستثمارات البريطانية المباشرة في تركيا حوالي 10 مليارات دولار، وتعمل في تركيا 2500 شركة بريطانية في مجالات مختلفة أهمها الطاقة والاتصالات والقطاع المالي، منها 95% تتركز على المنتجات الصناعية، وهذا يجعل تركيا في انتظار لتوصل بريطانيا إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، وقد تكون تحت ضغوط أوروبية بديلة عن الاتفاقيات البريطانية، حيث أن الأوروبيين أنفسهم لا ينظرون بعين الرضا لهذا التقارب بين لندن وأنقرة.