الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الكركرات.. تأكيد على سيادة المغرب

يعتبر فتح معبر الكركرات الحدودي وإفشال هجوم البليساريو بمثابة قطيعة مع أجواء التساهل، التي كانت لها مبرّراتها في السابق، مع استفزازات لم تدرك بعد أن كلّ أوراق المناورات التي كانت تعتمدها قد احترقت بين يديها احتراقا.

لم يًترك للمغرب أيّ خيار أمام تدخله العسكري بعد أن استنفذ جميع المحاولات السلمية لإقناع ميليشيات الانفصاليين بالانسحاب من المنطقة والتوقف عن قطع الطريق أمام حركة المدنيين، الذي أفضى إلى شلّ الدورة الاقتصادية بين المغرب وموريتانيا.

لقد جاء التدخل العسكري للمغرب، بعد اتصال مع الأمين العام للأمم المتحدة ومع أعضاء مجلس الأمن، حيث أحاطهم رئيس الحكومة المغربية بأمر من ملك المغرب بالتطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، وبالرغم من تدخل عدة جهات لحلّ المشكل بالحوار، وفي مقدّمتها قوات المينورسو والأمين العام للأمم المتحدة وعدد من أعضاء مجلس الأمن، وبعد استنفاذ كل الطرق الممكنة لثني هؤلاء الانفصاليين عن تعنّتهم، وجد المغرب نفسه مضطرّاً، بعد أن خرقت البوليساريو قرار اتفاق إطلاق النار، لممارسة حقّه الطبيعي والمشروع في الدّفاع عن حوزة بلاده، مع احترام تام للقانون الدولي ذي الصلة تحت أنظار المينورسو التّي وثّقت تفاصيل التدخّل.


من المؤكّد أن ما أقدمت عليه البوليساريو يتجاوز مجرد كونه ردّة فعل خارجة عن السياق أو رغبة مزاجية عابرة، وإنّما له دواعيه السياسية والدبلوماسية، بتدبير دولة خارجية، نجملها فيما يلي:


أولا، محاولة تأزيم الوضع الاقتصادي التجاري في جنوب المغرب بقطع الطريق عن تموين موريتانيا، ومن ثمّة خلق توتّرات اجتماعية نتيجة للكساد التجاري وامتداد هذه التوتّرات إلى داخل موريتانيا نفسها التي يُراد لها، أيضا، أن تكون ضمن توتّرات اجتماعية سياسية، تشويشا على عودة الحضور المغربي في موريتانيا بتمهيد من الديبلوماسية البرلمانية.

ثانيا، محاولة لفت انتباه الإدارة الأمريكية الجديدة إلى «قدرة» البوليساريو على إعمار شرق الجدار الأمني واستغلال ثرواته، ولقد تمّ التمهيد لهذه «القدرة» الموهومة منذ سنة 2016 بإقامة البوليساريو مؤتمرها في نوفمبر 2019 بمنطقة تفاريتي المغربية الخاضعة لوقف إطلاق النار فضلا عن نقل معدّات إدارية وعسكرية، مؤخّرا، وراء الجدار الأمني.

ثالثا، السعي إلى وضع الإدارة الأمريكية الجديدة أمام «أمر الواقع» ومباشرتها لملف الصحراء ولمسودة قرار مجلس الأمن، التي تهدف إلى وضع تصور مرجعي للنزاع، ومن ضمنه ألاّ تكون الجزائر طرفا رئيسيّاً كما تؤكّده كل وثائق الأمم المتحدة منذ 1975 إلى حدود الآن.

إن الخيار الأمثل للمغرب الآن، هو توطّيده للقانون في كلّ المنطقة العازلة، وإعمار الكركرات، لأن الأمم المتحدة قد أبانت عن عجزها في فرض شروط إطلاق النار في هذه المنطقة، بدليل من تقرير للأمين العام في 23 سبتمبر الذي كشف فيه عن ارتكاب البوليساريو 53 خرقا في هذه المنطقة، وعرقلة عمل المينورسو بما في ذلك إزالة الألغام.