السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أسباب الخروج الأوروبي من الحجر

سؤال وجيه تطرحه بعض الأوساط الإعلامية والسياسية: لماذا فتحت بعض الدول الأوروبية باب الخروج من الحجر الصحي، وهي تعلم أن كابوس وباء كورونا لم ينتهِ بعد، وأن الخطر قد يعود إلى ذروته في حصد الأرواح؟

وراء هذه الخطوات الأوروبية تقف 3 أسباب رئيسية دفعت بالحاكم الأوروبي إلى رفع نسبي لقيود السجن الاجتماعي، الذي حصر فيه شعبه تخوفاً من الجائحة، وإيماناً منه أنه السبيل الوحيد الذي يملكه لمحاربة الوباء والحد من تأثيره القاتل.

السبب الأول اقتصادي محض، فبموازاة الحجر الصحي توقفت ماكينة الإنتاج الاقتصادي، وشلت قطاعات حيوية كانت تشغل الملايين وتدرّ على الدولة سيولة كثيفة من المداخيل، وتطبيقاً لهذا الحجر أرغمت الدولة على توفير جزء من مداخيل عمال القطاع الخاص، في سابقة تظهر استثنائية اللحظة التي تمر بها هذه المجتمعات، تحملت فيها الدولة دور الراعي للحاجات الأساسية للمواطن، مقابل خضوعه التام لشروط الحجر الصحي.


ومع مرور الأيام تبيّن أن فاتورة هذا الوضع ستكلف الدولة ميزانية عملاقة، ناهيك عن المقاولات التي قد ترغم تحت ضغط هذه الحقبة الخطيرة على التخلي عن عمالها وربما إقفال أبوابها نهائياً.


السبب الثاني له علاقة بالتداعيات الاجتماعية لهذا الوضع، الذي بدأ يتسبب بتدهور معنويات المواطن غير المعتاد على العيش تحت نظام حجر صحي شبيه بسجن اجتماعي، وقد حذرت بعض الأوساط العلمية من أن أمراضاً اجتماعية لا تقل خطورة وفتكاً من وباء كورونا، قد تتولد لدى المواطن، الذي لا يرى نوراً في نهاية النفق المظلم، وقد تمت الإشارة بأصابع الاهتمام إلى شريحة المسنين وضعيفي المناعة الاجتماعية، الذين قد يسرع هذا النمط من العيش فقدانهما، عوض حمايتهما من العدوى.

السبب الثالث الذي يشرح هذا التوجه نحو الرفع التدريجي لقيود الحجر له علاقة بالقناعة القوية، التي تسيطر حالياً على الأوساط الطبية التي تقدم استشارتها لمراكز القرار السياسي، وهذه القناعة تقول: إنه في غياب لقاح أو علاج لوباء كورونا، فإن هذه المجتمعات تواجه حالياً خياراً واحداً هو التعايش مع هذا الفيروس لمدة طويلة، وإن الحياة ما بعد الخروج من الحجر ستفرض عليها إجراءات احترازية للتعامل مع هذا الوباء، وهذا العامل دفع بالسلطات السياسية لاتخاذ قرار الخروج، ما دام تواجد الوباء، قد أصبح حقيقة مفروضة ومستدامة.