الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تَرِكة ترامب في الشرق الأوسط

يبدو أن جو بايدن سوف يحقق مراده بأن يكون الرئيس المقبل، حتى لو واصل ترامب ومؤيدوه مزاعمهم حول تسجيل حالات تلاعب في التصويت، وفرز أصوات الناخبين وفقاً لنظرية المؤامرة.

وبعد أن عافَ كثير من الناس طريقته الغريبة في معالجة الأمور، بلغ عدد المصوّتين ضد بقائه في البيت الأبيض رقماً قياسياً تجاوز 78 مليون صوت، وهم الذين صوتوا لغريمه جو بايدن، وترامب ذاته سجل رقماً قياسياً في عدد مؤيديه، بلغ 73 مليون صوت، وبهذا أصبح الانقسام الاجتماعي في الولايات المتحدة أكثر وضوحاً بعد الانتخابات، وبما يبدّد مرة أخرى ما تبقى من آمال في أن تكون هذه الانتخابات فرصة لإعادة توحيد الولايات المتحدة.

وربما يتحتم علينا أن نعقد آمالاً أكبر على الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، فلعلّها تطلع علينا بمرشح ديمقراطي شاب يستخلف مستر جو بايدن الواهن والعجوز، وبمرشح جمهوري من طراز مختلف وأكثر تطوراً وانفتاحاً يمكنه أن يستخلف حملة ترامب بنجاح، لكن ما الذي خلّفه الرئيس ترامب خلال السنوات الأربع لعهده في البيت الأبيض؟


حتى لو واصل الناس انتقاده بسبب العدد الكبير من المرضى المصابين بفيروس كورونا، والانقسام العميق في المجتمع الأمريكي، فإن من المهم الاعتراف بإنجازاته في النشاط الدبلوماسي، وخاصة في الشرق الأوسط حتى لو رافقتها بعض مؤشرات التناقض والتضارب.


ومع حلول اليوم الأخير الذي سيغادر فيه منصبه، فإن من الأرجح أن يفي بوعده الذي قطعه بتخفيض عدد الجنود الأمريكيين المنتشرين في العراق وأفغانستان إلى الحد الأدنى، ولا شك أن تأسيسه لعلاقات دبلوماسية بين إسرائيل وبعض البلدان العربية كالإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية السودان، يُعدّ من بين الإنجازات الباهرة لعهده، بالرغم مما أثارته من لغط لدى البعض، وهو أيضاً إنجاز لا نتصوّر إمكان تحقيقه تحت حكم الإدارات الأمريكية الأخرى.

وثمّة انتقادات عميقة الجذور، وشعور بالتردد فيما يتعلق بمسار التطبيع من دون انتظار تأسيس الدولة الفلسطينية، ومع ذلك، فإن من المستبعد أن تتنكّر إدارة بايدن لهذا الإنجاز الذي حققته إدارة ترامب.

لا شك أيضاً أن اقتراح ترامب لفكرة «صفقة القرن» لتسوية النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، كانت غير مسبوقة، بالرغم من أنها لم تحظَ بموافقة أي طرف، وسوف يطويها النسيان، وتصبح جزءاً من التاريخ، وليس من المنتظر أن تتبناها إدارة بايدن، ولن يكون في وسعها أن تقدم خطّة أفضل منها.

ولعل السياسة الوحيدة التي ستنقضها إدارة بايدن هي التي تتعلق بانسحاب إدارة ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران، وخاصة بعد أن أوحى بايدن بأنه سيعود للالتزام بها لو تم انتخابه.

إلا أنه من الصعب تحقيق ذلك، لأن الأمر يعتمد بشكل كبير على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2021 في إيران، حيث من المنتظر أن ينتخب الشعب الإيراني رئيساً متشدداً يجعل من التقارب مع الولايات المتحدة أمراً صعباً.