الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

من الخاسر في الانتخابات الأمريكية؟

السؤال عن الخاسر بدلاً من الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يبدو غريباً للوهلة الأولى، مع أن الوضع السياسي الحالي يفرض هذا السؤال بقوة، وبغض النظر عن مآل الطعون القضائية التي رفعتها حملة دونالد ترامب في النتائج التي أفرزت نجاح جو بايدن، فقد تأكد من هذا الوضع المشحون بالتوترات، أن الخاسر الأكبر هو الديمقراطية وسيادة القانون في أمريكا وهيبة أمريكا الدولية، التي وصلت إلى الحضيض في تاريخها المعاصر، فضلاً عن تعمق الصدع السياسي والاجتماعي في المجتمع الأمريكي، الذي سيؤثر سلباً في النظام الديمقراطي في أمريكا وباقي دول العالم.

ويعتبر نظام الحكم الديمقراطي بمثابة جهاز ذاتي القيادة يرتكز أساساً على الهياكل الإدارية والمؤسسات الدستورية، يكون فيه الحكام تابعين للمؤسسات والهياكل الدستورية، وتتوقف صلاحيته وفاعليته على قوة هذه الأخيرة؛ وعندما يتعسف الحكام ويتلاعبون بها أو يُغلّبون المصالح الشخصية على الصالح العام، يعاني النظام الديمقراطي من الضعف والهوان ويكون معرضاً للانهيار عاجلاً أم آجلاً.

الأحداث الأخيرة في أمريكا لا تبشر بالخير للديمقراطية في أمريكا؛ فبرغم الانتصار الكبير الذي حققه المرشح الديمقراطي العتيد جو بايدن بأعلى حصيلة من الأصوات الشعبية، يستمر الرئيس دونالد ترامب في رفضه الإقرار بنتيجة الانتخابات، متهماً الديمقراطيين بسرقة أصوات الناخبين، وتزوير الأصوات البريدية؛ والحقيقة أن فرز الأصوات في الولايات قد تم تحت أنظار هيئات المراقبة الدولية ومسؤولي الانتخابات الأمريكيين، وجميعهم أكدوا عدم وجود أدلة على تزوير الانتخابات، وصرَّحوا بأنها كانت نزيهة وذات شفافية.

فيما راح قسم كبير من مؤيدي ترامب الجمهوريين الذين صوتوا له بما يعادل 74 مليون ناخب، حسب آخر الإحصاءات، ينصاعون لتصريحاته وتغريداته على تويتر، وخرجوا في مظاهرات، مؤكدين ادعاءات ترامب بوقوع تزوير واسع. والحقيقة أن كل ولاية أمريكية لها قوانينها الخاصة بالانتخابات، والتي شرّعت التصويت بالبريد، ونظراً لظروف كورونا الاستثنائية، حرّض الديمقراطيون مؤيديهم على التصويت بريديّاً، وهذا سبب تقدم الديمقراطيين على الجمهوريين في الأصوات البريدية.

ولكن كيف يمكن للديمقراطيين أن يزوّروا الانتخابات، والمشرف عليها هي إدارة ترامب ومن ورائها الحزب الجمهوري المتواجد في كل مفاصل الهياكل والمؤسسات الأمريكية؟ وحتى في حالة وجود شكاوى، يحق للجمهوريين اللجوء إلى القضاء قبل توجيه اتهامات وادعاءات من شأنها أن تلحق أضراراً جسيمة بالديمقراطية الأمريكية، وتدفع المجتمع الأمريكي إلى حافة الحرب الأهلية.