الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

المستقبل.. وتباعد البشر الأزلي

كانت الابتكارات في الأساس في طريقها للتطور، ولكنها كانت تستخدم على نطاق ضيق، وبين المعجبين بكل مستجدات التكنولوجيا فقط، كان صعبا أن تصل العديد من التطبيقات إلى المستوى الرسمي أو الرفيع.

فعلى سبيل المثال كانت القنوات الفضائية تستفيد من الاتصال المرئي لإجراء اللقاءات متعددة المواقع، وكذلك استخدمته الجامعات التي تعتمد التعلم عن بعد مراعاة لظروف استثنائية قد يمر بها بعض الطلبة، العالقين في الخارج أو المرضى أو المساجين، أما الاجتماعات التجارية أو رفيعة المستوى فكان من غير المطروح أن تعقد (افتراضيا) عبر الإنترنت.

اليوم بعد ما يقارب مرور عام على تفشي وباء كورونا، يبدو أن غالبية (المجتمعات الرسمية) استحسنت ما توفره إجراءات العمل عن بعد من اختصار للوقت وتوفير للنفقات وتذليل الصعوبات، خصوصا في مجال عقد الاجتماعات، ولكن هل وقفت الأمور عند هذا الحد؟


في أحد البرامج الخاصة بالابتكارات التكنولوجية على محطة (CNN) عرض البرنامج الابتكارات الجديدة التي ستكون بديلة عن عقد (المؤتمرات والمعارض) المباشرة، وكيفية إدارتها (افتراضيا)، التقنية مستلهمة من تقنيات ألعاب الفيديو، حيث يرتدي الراغب في حضور المؤتمر أو المعرض خوذة بنظارة خاصة، ويمسك بعصاتي تحكم بين يديه، وحين يدير الجهاز سوف يجد نفسه حاضرا المؤتمر بتقنية قريبة من التجسيد رباعي الأبعاد، بحيث يبدو أنه جالس على الطاولة يتابع المتحدث على المنصة، وإذا حرك عصى التحكم بين يديه ويحرك رأسه فيرى من يجلس بجانبه ويمكنه أن يتحدث معه ويتعرف عليه، وبحركات أخرى يمكنه الوقوف من مكانه والتنقل والتجول بين أجزاء المعرض، أو التوجه نحو أحدهم والتحاور معه، وهكذا ثمة إذن بديل عن السفر وحجز الفنادق والسيارات لحضور مؤتمر علمي أو مهني، أو معرض اقتصادي أو طبي مثلا!


وعلى حسابها في منصة تويتر، عرضت الإعلامية الأمريكية أوبرا ونفري الأسلوب التقني الجديد الذي ستقابل فيه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، إذ ستكون هي في منزلها وسيكون هو في استوديو في ولاية أخرى، ومع ذلك من سيشاهد الحلقة لا يمكنه أن يصدق أنهما يلتقيان (افتراضيا) بدون (ولا غلطة) في الشكل المباشر للحوار واللقاء!

حين شاع التواصل الافتراضي عبر تويتر وفيسبوك، حذر الخبراء من الغرق في العالم الافتراضي، وعواقبه الوخيمة على النفس والعقل. اليوم صار التواصل الافتراضي حاجة ثم سمة، وأخيرا قد يكون هو الحال الطبيعي، الذي سيبرر التباعد الأزلي بين البشر، ويكون البديل العديدة من الأجهزة والتقنيات.