الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإعلام الغربي.. مهنيَّة مُقنَّعَة

بعض العرب أمرهم محير، يهاجمون الغرب وكل ما يصدر عنه، ويعارضون أنظمتهم بذريعة التبعية والانسياق وراء الدول الكبرى، وفي ذات الوقت يطيرون فرحاً لمجرد صدور تقرير في صحيفة غربية ينتقد سياسات بلادهم باعتبار ذلك دليلاً على صواب منطقهم وصحة معارضتهم.

صحف غربية باتت أقرب إلى الصحافة الصفراء عند تناولها للشأن العربي، بحيث تبني تقاريرها وتحليلاتها على تعليقات منتقاة من صفحات شخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، وتتجاهل في ذات الوقت المواقف والتعليقات التي لا تخدم وجهة نظرها والخلاصة التي تريد أن تصل إليها، والأدهى من ذلك أن مَن يلعنون الغرب ليلاً ونهاراً يتعاملون مع هذه التقارير، وكأنها حقيقة لا تحتمل الشك أو القسمة على اثنين.

في خضم الجدل الدائر حول نتائج الانتخابات الأمريكية واتهامات التزوير والتلاعب بأصوات المقترعين أصدرت صحيفة الواشنطن بوست تقريراً حول الانتخابات الأردنية معتبرة أنها «الأقل ديموقراطية في تاريخ الأردن»، وأن إجراءها جاء فقد لإظهار قوة النظام في الشارع، رغم التأثيرات السلبية وانعكاس ذلك على الواقع الصحي وتفشي وباء كورونا.


بعيداً عما تضمنه التقرير من تفاصيل حول المال الأسود وسيطرة العشائرية وتحجيم الأحزاب فلستُ هنا بوارد الدفاع عن أحد، ماذا لو أعلن الأردن تأجيل الانتخابات بحجة تفشي الوباء؟، ألم تكن ذات الصحيفة أو غيرها ستعتبر ذلك ذريعة للهروب من الاستحقاقات الدستورية وتجميد الحياة البرلمانية واستغلالاً للوباء؟، في كلا الحالتين النتيجة واحدة لدى وعاظ الصحافة الغربية، وهي إظهار الحكومات العربية في واد وشعوبها في واد آخر.


وحتى لا نعمم ونقع في نفس الخطيئة، فقد دأبت بعض الصحف الغربية على وضع الحكومات العربية في زاوية التبرير الدائم لقرارتها وتوجهاتها، وذلك ضمن سياسة تحريرية تتفق مع أجندة الصحيفة، إذ أن مثل هذه الصحف باتت أقرب إلى المنبر المتبني لوجهة نظر محددة تخدم توجهاً ما بعيد كل البُعد عن المهنية، ونقل المشهد كما هو دون أهداف مخفية وأجندات سياسية.

الصحافة الغربية في مجملها صحافة ذات أجندة، وهالة المصداقية والمهنية ليست أكثر من مساحيق تجميل تخفي توجهات ومصالح، وما يجري اليوم في الإعلام الأمريكي يؤكد أن الإعلام الغربي شريك في لعبة المحاور السياسية والأجندات المخفية والعلنية، باختصار ليس كل ما يصدر في الصحف العالمية حيادياً، فالكثير منه ليس سوى دس السم في عسل حرية الصحافة.