الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

أشباه الدعاة.. والحزام الناسف

حينما منع بعض نجوم الدّعاة الغلاة من عرض برامجهم التلفزيونية، كان يراد منه قطع وريد التطرف، ومع ذلك لا يزال أشباه الدعاة يجولون بكلّ أريحيّة عبر برامج شبه يوميّة (سناب شات، واتساب، تويتر، وغيرها)، عبر المواعظ الدينية، وكسب تعاطفهم، ليتم ربطهم بحزام ناسف ولو بعد حين، فهم يستمرّون في ديمومة من الانضباط، ويتخطّون مساعي العالم في سبيل محاربة الإرهاب.

المقتطفات الّتي ترسل المواعظ والعبر ويتداولها الشّباب عبر المواقع الإلكترونيّة، غالباً ما تكون مقاطع لشخصيّات دينيّة متشددة تبوّأ بعضها مكانة لم يستطع أحد أن ينتزعها بسهولة، ويستمرّ هذا التّوجّه الخفيّ مما يؤدي إلى اختطاف الشّباب، وكسب ثقتهم، وغسل أدمغتهم بقليل من الجهد.

ويلعب أتباع المروّجين لأفكارهم وتأويلهم الفقهيّ الأحاديّ في مواقع التّواصل الاجتماعيّ أدواراً دعائيّة ومحوريّة في ترسيخ قاعدة شعبيّة وجماهيريّة تنال استحسان الفكر المتطرّف، الّذي يتوغّل بخفية، ليعلن عن نفسه يوماً ما في حادثة أو جريمة حرب أو ذبح، ونغرق في دوّامة لا تنتهي.

هؤلاء أشباه الدعاة يزاحمون الأكثريّة من العلماء الوسطيّين، الّذين يمثّلون قطاعات مختلفة من شعوبنا، وهم علماء يتمتّعون بثقل فقهيّ ومعرفيّ متنوّع، لكلّ منهم مصداقيّته في العالم الإسلاميّ، لكن يخشون الظّهور، كي لا يُحاربوا أو يُقمَعوا، إلّا القلة المتبقية لا تزال صامدة، وتكون محاربتهم بتجييش المتابعين، وإظهار المقاطع الّتي تشوّه صورتهم أمام الجماهير العريضة، ولمزهم بالشّرك والفسق، وكلّ هذا كي يُشكّكوا بهم، ولا نلاحظ سعياً لإظهار زيف، لأنّ المتابعين لذلك الفكر هم الجمهور الفاعل، الذي يجتهد في تقوية هذا الفكر من الدّاخل، ويُسبّب عجزنا المخزي عن دحره.