الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أمريكا.. والخطر على الديمقراطية

ما هو مؤكد وموثق هو أن سلوك الرئيس دونالد ترامب الأوتوقراطي واستخفافه بالدستور الأمريكي وانتهاكاته له، وقراره الأحادي برفضه نتيجة الانتخابات وفوز الرئيس المنتخب جو بايدن قلبت الأعراف والتقاليد السياسية للولايات المتحدة رأساً على عقب، فهل الديمقراطية الأمريكية في خطر حقيقي، وهي الأقوى في العالم منذ الحرب العالمية الثانية؟.. ربما.

الديمقراطية الجاكسونية التي وسعت مفهومها قدر الإمكان بطريقة تظل قابلة لتطبيق هذا المصطلح، وألهمت العديد من الأحداث الديناميكية والدرامية في القرنين الـ19 والـ20 من التاريخ الأمريكي مع الشعبوية التقدمية قد تواجه خطر نهج الديكتاتورية من خلال تشديد ترامب على موقفه من نتيجة الانتخابات، حتى بعد قبوله بفوز بايدن.

تصرفات خلقت استقطابات سياسية واجتماعية وأمنية خطيرة قد تهدد مستقبل الديمقراطية في الولايات المتحدة واستقرارها الأمني، فهي تواجه صعوبات خارجية وداخلية، بالفعل خلقت شكوكاً غير معهودة في مناعة نظام الحكم الأمريكي، وقدرة مؤسساته على استيعاب التحديات في الوقت الراهن.


ربما إخفاق الحزب الديمقراطي في عزل ترامب من منصبه بعد محاكمته في فبراير 2020 بالاتهام بأنه عرقل تحقيق الكونغرس بحجب مساعدات أمنية عن أوكرانيا، عزز من قناعته بأنه يتمتع بمناعة ضد أي محاسبة أومساءلة من الكونغرس أو من القضاء أو من الصحافة، فالرئيس «الخاسر» يشن الآن حملة ضد خصومه ويحاول أن يستخدم الأجهزة الحكومية لصالحه.


إلا أن القضاء الأمريكي المستقل، والصحافة الحرة، ووجود احترافية مهنية، تابعت انتخابات نزيهة، كلها حالت دون استمرار انتهاكات ترامب، ولا شك من أن البلاد تستفيد من كل هذه التجارب التي حتماً ستسهم في تعزيز التقاليد الديمقراطية، فالتاريخ يذكرنا بالإصلاحات التي أعقبت (فضيحة ووترغيت) والرئيس نيكسون على سبيل المثال.

تعتبر قيم الحرية والمساواة من المبادئ الأساسية للديمقراطية السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة، والمستفاد من هذه التجربة التاريخية هو أنّ أيّ محاولة للتخفيف من وطأة الديمقراطية، أو النيل منها، إنّما مآله الفشل خاصّة كلّما تشبّع الأفراد بالحرية وبمبدأ المساواة، إذ حتى المستبد لن يستطيع، بعد ذلك، أن يحكم إلا وفق مبدأ المساواة الديمقراطي وأن ينحني احتراماً لها.

المهمة التي يجب على الرئيس القيام بها ليست بناء مجتمع أرستقراطي، بل التوجه نحو جعل الحرية حقيقة معيشية في مجتمع ديمقراطي، من خلال تعزيز دور فكرة المساواة في الممارسة السياسية للديمقراطية، وربما يكون هذا هو الدرس الأكثر أهمية الذي يمكن أن نتعلم منه، في تجربة شعب بمثابة المرشد إلى الديمقراطية الحديثة، ولكن ما مدى الخطورة التي تواجهها؟