السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

نيران الشائعات.. صناعة وعلم

أخبار كاذبة، حوادث غير حقيقية، قرارات لم تُتخذ وأخرى تم رفضها، وغيرها من شائعات تخطف انتباه كثيرين وقتياً ولحظياً، إلا أنه بمرور الوقت تُكتشف عدم صحتها، إما بإعمال العقل أو بنفي الجهات المعنية، أو بتفنيد من جهاز توكله بعض الحكومات بذلك.

وتلعب الشائعات منذ القدم دوراً مهماً في حياتنا، مهما كانت درجة ثقافتنا ووعينا، ولا تقتصرُ على المجتمعات المتخلفة، ففي المجتمعات المتطورة تنتشر الشائعات أيضاً، لكن الفارق هو طبيعة ونوع الشائعة ودرجة إتقان نسجها، لتصبح اليوم صناعة وعِلماً، تقوم بهما أجهزة كبيرة مختصة.

كثير من الأكاديميين والمتابعين، وجّهوا بأصابع الاتهام في انتشار الشائعات، إلى مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإلكترونية، وبالفعل أظهرت دراسة أجرتها الأكاديمية الوطنية للعلوم الأمريكية ونشرتها صحيفة الـ«إندبندنت» البريطانية، أن الأشخاص يميلون للتواصل ومشاركة الأخبار مع من يتفقون معهم في المواقف عبر صفحات بعينها، وهو ما أطلقت عليه اسم «غرف الصدى»، ثم يعيدون نشرها مرة أخرى دون الشك في أي خطأ وارد.


نظرياً، ومع التطور السريع لوسائل الاتصالات، توقع البشر تراجع تأثير الشائعات وانتشارها ودفنها في مهدها، أما الذي حدث فكان العكس، حيث باتت أسرع انتشاراً وأكثر عدداً، والسبب الحقيقي هو «أخلاقي» أولاً، فالناس باتت بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، أكثر عشقاً لتناقل الأخبار، وأشد فضولاً لمعرفة المجهول، بالإضافة للانحطاط الأخلاقي العام، كما أن سهولة نقل الشائعات أصبحت تحتاج لأقل من ثانية حتى تصل إلى أقصى الأرض.


ورغم عدم معقولية هذه الأخبار وتهاويها أمام أبسط محاولة للتفنيد، فإنها عادة ما تحظى بآلاف الإعجابات والمشاركات، والسبب قد يكون حالة استقطاب سياسي تدفع كل فريق إلى اختلاق الشائعات التي تتناسب مع جمهوره، لتأكيد خطأ الفريق الآخر وجنونه، كما أنها قد تكون بسبب وجود أرض خصبة ممهدة للانتشار.

ولكي تتم الدراسة بشكل مفيد لا بد، بدايةً، من تعريف الشائعة، فهي خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع وتُتداول بين العامة، ظناً منهم بصحتها، ودائماً ما تكون هذه الأخبار شائقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين، لكنها تفتقر عادةً إلى «المصدر الموثوق» الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار.. لكن كيف نتعامل نحن مع الشائعات ـ بشراً وحكومات ـ في عالمنا العربي؟