السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

دبلوماسيَّة «الرقص مع الذئاب»

في 17 من نوفمبر الجاري، أصبح رئيس وزراء أستراليا «سكوت موريسون»، أول زعيم عالمي يقوم بزيارة لرئيس الوزراء الياباني «يوشيهيدا سوغا» على الأرض اليابانية، منذ تقلد «سوغا» منصبه في شهر سبتمبر الماضي، وبعد عودته إلى وطنه، خضع لفترة حجر صحي إجباري لمدة أسبوعين.

ويتضح من ذلك مدى أهمية هذا الاجتماع بالنسبة لكلا البلدين، وتحرص اليابان وأستراليا على تعزيز علاقاتهما مع دول «الحوار الأمني الرباعي» الأخرى، الولايات المتحدة والهند، وهي الدول التي نفذت مؤخراً المناورات البحرية المشتركة (مالابار 2020) في بحر العرب.

وخلال زيارة المستر موريسون إلى اليابان، توصل الطرفان لعقد اتفاقية دفاعية مفصلة، تسمح من حيث الأساس بتمكين أستراليا واليابان من إقامة تعاون متقدّم في منطقة المحيط الهادئ - الهندي، وخاصة في بحري الصين الجنوبي والشرقي.


وكما كان متوقعاً، فلقد دفع هذا التطور الصين إلى العمل بما يسمى «دبلوماسيّة الذئب المحارب»، وسارع الذئب المحارب «تشاو ليجيان»، الذي يشغل الآن منصب نائب مدير إدارة المعلومات في وزارة الخارجية الصينية، للتعبير عن استيائه الشديد من رئيس الوزراء الأسترالي خلال مؤتمر صحفي تم تنظيمه يوم الإعلان عن هذا التطور.


وتحدث «تشاو» عن العديد من التوجهات غير المقبولة في السياسة الأسترالية تجاه الصين، ولم تتأخر السفارة الصينية في كانبيرا عن العمل، بل سارعت إلى نشر قائمة تضم 14 شكوى سياسية ضد أستراليا.

وفي 19 نوفمبر الجري، أعلن موريسون عن رفضه للتهديد الصيني، وأكد عزمه على عدم التراجع عن القِيَم والمصالح الأسترالية الأساسية، مثل حرية التعبير والحفاظ على الأمن، ثمّ ما لبث أن خفف من وطأة ردّه يوم الإثنين 23 نوفمبر عندما أشار إلى عدم نيّته الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، ويبدو من كلامه كأن هناك فرصة حقيقية لعدم الاختيار بينهما.

وفي عام 2018، باتت مؤشرات الحزم والثقة بالنفس أكثر وضوحاً في السياسة الصينية، عندما وضعت بكّين حداّ لسياستها القديمة في التمسك بمبادئ «التساهل»، وتخلّت عن السعي لنيل رضا الآخرين، وهي سياسة سبق أن تبناها الرئيس الراحل «شياو بينغ». وأصبح الدبلوماسيون الصينيون المتوزعون في كل أنحاء العالم لا يتورّعون عن نبذ الأصول والأعراف الدبلوماسية، كما بدؤوا بتبنّي خطاب جديد يتميز بالقسوة والتطرف أثناء تهجمهم على قادة العالم.

ويبدو، كأنهم عقدوا العزم على إجبار العالم على العودة إلى عصر «دبلوماسية الركوع» Kowtow diplomacy، عندما كانت الإمبراطورية الصينية تطلب من مبعوثي الدول الصغيرة الآتين إليها من كل العالم الركوع حتى تلامس رؤوسهم الأرض، كما لو أنهم يقدمون طقوس العبادة للإمبراطور الصيني تعبيراً عن احترامهم له واعترافاً بدونيّتهم.

وواجه المستر موريسون، وهو الحليف المقرّب من الولايات المتحدة وخاصة في عهد إدارة دونالد ترامب، فصلاً من «دبلوماسية الركوع»، ولكنه عرف كيف يتخذ موقف المتملّص، بما يوحي بمدى صعوبة الرقص مع الذئاب في هذه المحطات الجديدة من سياسات القرن الـ21.