الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

عمر وتيمور.. و«فارس الأحلام المرتجى»

في موسم 2007، قدّمت السينما المصرية فيلمين يحكي كلٌ منهما قصة ثنائي محبين تدور بينهما خلافات على أساس اختلاف شخصيتي البطل والبطلة، وصراع «الجندر».. الفيلمان هما: «عمر وسلمى» و«تيمور وشفيقة».

يحكي فيلم عمر وسلمى قصة شاب مستهتر يقع في حب فتاة جميلة وجادة، ولكنها مثقلة بجروح الزمن وخارجة للتو من علاقة فاشلة، فيحاول أن يغير من واقعه المستهتر ليحظى بها في علاقة جادة.. يتخلل هذا مشاهد من خيانته لها، ويتم تصوّر ذلك بوصفه نزوات عابرة، بالمقابل عندما رآها تتحدث مع خطيبها السابق قام بصفعها قبل أن يعتذر، وتقبل هي اعتذاره بسهولة.

ويحكي فيلم تيمور وشفيقة قصة شاب يدرس في كلية الشرطة، ارتبط ببنت جيرانه التي تصغره ببضع سنوات ليصبح الشخصية المهيمنة في حياتها في ظل وفاة والد كلّ منهما، فقد ربّته أمه ليصبح رجل البيت، وقبلته جارته ليكون أباً صغيراً لابنتها التي تعلقت به وتعلّق بها.. تصبح شفيقة وزيرة ويصبح تيمور ضابط الأمن المكلف بحراستها، ولكن رجولته تأبى أن يكون تابعاً لها، تقبل شفيقة ترك منصبها من أجل أن تبقى معه وترضي كبرياءه.

رغم بعض الاختلافات الظاهرية في العملين، فإننا نجد نوعين مختلفين من الموروث الاجتماعي الذي يتسالم عليه المجتمع المصري -بل أغلب المجتمعات العربية- وهو: حتمية حاجة المرأة لرجل يحميها من تقلبات الزمن. وعليه، يتحتم على المرأة تقبل الرجل بكافة عيوبه، (نزوات عمر أو تسلُّط تيمور).

تبقى هنا نقطة مهمة في الفيلمين تتلخص في كون عمر وتيمور لم يتغيرا كثيراً في نهاية القصة، فعمر ظلّ «يبصبص» على البنات وإن كان هذا خلسة كي لا يغضب سلمى، وتيمور رفض مجرد فكرة أن تكون شفيقة في موقع أعلى منه وإن كانت قد وصلته عن استحقاق.

بالمقابل فإن سلمى قد وجدت حيلاً لتشتت عيني عمر عن الفتيات (في قالب كوميدي)، بينما لم تجد شفيقة حيلة لتوقف تسلط تيمور، فرضخت للأمر الواقع.

هنا نجد إشكالية أخرى تتلخص في شيطنة الرجل بتأطيره بكونه لعوباً أو متسلطاً، مقابل تصوير المرأة بكونها الملاك الذي يتحمّل عيوب الرجل! ففي الفيلمين نجد كلّاً من سلمى وشفيقة قد وصلتا إلى درجة الكمال بتحملهما عيوب عمر وتيمور، بل تضحيان بحقوقهما من أجل إصلاح الحبيب (عمر وسلمى)، أو المحافظة عليه (تيمور وشفيقة).

هذه القوالب الجاهزة والتي قد يأخذها المجتمع باعتبارها مسلّمات اجتماعية تلعب دوراً خطيراً في تعاطينا مع الوقائع التي تحدث في مجتمعاتنا، متضمنة صراعات بين الرجل المرأة، فلسنا غالباً في حاجة لدليل لاتهام الرجل بأنّ «عيونه زايغة» أو «متسلط» لأنّها الشخصية التي صوّرها لنا الإعلام في كثير من أعماله.

ربما تكون الأمور واضحة في «تيمور وشفيقة» من خلال الرسالة المباشرة للرجل المتسلط، ولكن في «عمر وسلمى» الذي يأخذ الإطار الكوميدي، نجد شخصية تامر حسني خفيفة الظل ترسل رسائل اجتماعية خطيرة من قبيل «الولد حامل عيبه» فليست ثمة مشكلة كبيرة في أن يكون الشاب رومانسياً حتّى النخاع، ولكنه خائن لحبيبته (الفتاة الكاملة من حيث الجمال، الذكاء، والأخلاق).. الرجل خائن ولكنّه هو فارس الأحلام المرتجى لأي فتاة!.