السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

اغتيال العالم الإيراني.. التوقيت الصعب

اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده ضربة قوية ذات أثر معنوي ومادي، يمكن مقارنتها بالضربة التي أدت لمقتل الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس داخل العراق، وإذا كانت إيران تمتلك ذلك الخيار المقنن في الرد حين ضربت قاعدة للأمريكان في عين الأسد العراقية، فإنَّ خياراتها للرد اليوم شبه معدومة.

لعل إيران تدرك أنَّ أيّ رد فعل منها قد يجر عليها ردوداً عسكرية أو دولية غير محسوبة، وهي غير مستعدة لها في هذه الفترة الرمادية الانتقالية من حياة البيت الأبيض، حيث كل موقف إيراني مرتبط على نحو وثيق بما يمكن أن تتعامل معه واشنطن المقبلة على استقبال جو بايدن، الذي وعد إيران بالذي تحلم به من عودة للاتفاق النووي، وهو يعني بداية رفع العقوبات الأمريكية عنها.

ولخص إدراك إيران لهذه اللحظة الإشكالية، الرئيس حسن روحاني حين قال عقب اغتيال زاده: «الأمة الإيرانية أذكى من أن تقع في فخ المؤامرة الذي نصبه الصهاينة، هم يفكّرون في خلق فوضى، لكن عليهم أن يدركوا أننا كشفنا ألاعيبهم ولن ينجحوا في تحقيق أهدافهم الخبيثة»، وهذا الكشف الإيراني فيما يبدو أقصى إمكانات الرد في الوقت الراهن.


إنّ خطورة اغتيال العالم الإيراني لا تأتي من منصبه الحساس في قيادة منظمة الأبحاث والابتكار في وزارة الدفاع الإيرانية، التي تمت بصلة أساسية بالبرنامج النووي، لكن من خلال قوة الاختراق في العمق الإيراني، في عملية تتطلب قاعدة بيانات استخبارية دقيقة ومعقدة في الرصد والمتابعة، وتنفيذ الهجوم في توقيت صعب ومكان لا تتوافر فيه أي تغطية، حيث الطريق الخارجي قرب العاصمة طهران، ويعني هذا أنَّ الذي نفذ هذه العملية الصعبة قادر على تنفيذ سواها من عمليات أسهل ضد أهداف كثيرة مرتبطة بالملف النووي أو الحرس الثوري.


إن أي تحليل من جهات ذات اختصاص، يستطيع أن يضع اتهام إيران لإسرائيل بتدبير الاغتيال بعد ساعة واحدة، في باب الظن والاستخدام السياسي للحدث، إذ لا يمكن التوصل إلى خيوط هذه العملية المحكمة قبل مرور وقت طويل كما تخبرنا عمليات مماثلة كثيرة، ما لم تعترف جهة ما بالقيام بها.

لقد تحاشت إيران اتهام الجانب الأمريكي، لأنها تدرك مدى خطورة أن تباشر الاستفزاز، وبرغم ذلك رأينا «سي إن إن» تنقل عن مسؤول في البنتاغون بعد ساعات من الاغتيال، تحرك حاملة الطائرات «يو إس إس نيميتز» إلى الخليج مع سفن حربية.