الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

لا أحد ضد الاتفاق النووي

رغم الجدل الدائر حول سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن في الشرق الأوسط، وعزمه العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، إلا أن لا أحد في المنطقة ضد هذا الاتفاق كخيار دبلوماسي قد يفضي إلى وقف أنشطة النظام الإيراني المزعزعة لاستقرار دول الإقليم.

الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الدول الكبرى لم يكن يوماً هو الإشكالية، إذ إن مصدر شواغل دول المنطقة وخاصة دول الخليج العربي هو القلق من إدخال المنطقة في صراعات عسكرية، تقوض مسيرتها التنموية والاقتصادية، فلا أحد يرغب من حيث المبدأ بتحييد الخيار الدبلوماسي والجنوح نحو الحل العسكري لحل الأزمة الإيرانية.

المعضلة الرئيسية في الاتفاق النووي هي قصوره وعجزه عن التعامل مع كافة نواحي القلق لدى دول المنطقة، فحصول إيران على القنبلة النووية من عدمه ليس المشكلة الأساسية، فطهران وغيرها من الدول لن تلجأ إلى هذا السلاح المجمد عالمياً منذ عام 1945، إذ إن استخدامه هو دمار الدولة الإيرانية ودول المنطقة معاً.


ما يؤرق المنطقة هو البرنامج الصاروخي، والطائرات المسيرة، وتزويد الوكلاء بالأسلحة المتطورة، وتصدير الفكر الثوري، وعدم اعتراف نظام طهران بسيادة الدول الوطنية على شعوبها بحجة المذهبية.. هذه المخاوف هي مصدر القلق الفعلي وليس حيازة إيران لسلاح نووي سيبقى مجرد سلاح ردع لا أكثر ولا أقل.


بايدن إذا ما أراد العودة للاتفاق النووي عليه أن يدرك أن ما قامت به إيران من ممارسات عسكرية وسياسية زعزعت استقرار المنطقة لم يكن يوماً نابعاً من قدراتها النووية، وعليه الدفع باتجاه اتفاق شامل يعالج الشواغل المتعلقة بالبرنامج الصاروخي ودعم الوكلاء في لبنان واليمن وسوريا والعراق وتهديد أمن الطاقة من خلال استهداف المنشآت النفطية ومضيق باب المندب، إذ إن أيَّ اتفاق لن يشمل هذه العناصر هو اتفاق محكوم عليه بالفشل، ولن يردع طهران عن تدخلاتها بالمنطقة، لا بل على العكس سيعزز هذه التدخلات.

الرئيس الأمريكي المنتخب عليه أن يدرك أن واقع الشرق الأوسط مختلف تماماً الآن، والتطورات التي حصلت خلال السنوات الأربع الماضية غيَّرت الكثير، وخاصة فيما يتعلق بالتحالفات والمحاور، وعليه أن يعي أن دولاً كبرى أخرى باتت ذات نفوذ بالمنطقة، لذلك لا بد من مقاربة جديدة وواقعية تضمن تغيير السلوك الإيراني العدائي تجاه الإقليم، ودون ذلك سيبقى برميل البارود مرشحاً للانفجار في أي لحظة.