الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

لغز العلاقات التركية ـ الروسية

تحتفظ تركيا وروسيا بتاريخ من الصراع والحروب بينهما، وفي نفس الوقت تحتفظان بقنوات من الدبلوماسية والسياسة بطرق يصعب معرفة حقيقتها، فالعديد من نقاط الصراع التركي ـ الروسي التي اشتعلت مؤخراً في سوريا وليبيا والقوقاز وغيرها، لم يكن من الممكن المراهنة على مساراتها ونهايتها، فالصراع في سوريا وصل لحد الاشتباكات المسلحة وإسقاط طائرة روسية بتاريخ 24 نوفمبر 2015، بعد شهرين من التدخل العسكري الروسي في سوريا، وعلى الفور قامت روسيا بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية كلفت الاقتصاد التركي المليارات من الدولارات، وترقب العالَم حرباً كبرى بين روسيا وتركيا بعدها، ولكن توقعاتهم قد خابت وتبعها تعاون أكبر بين تركيا وروسيا في كل المجالات بما فيها المجالات العسكرية والأمنية، وشراء تركيا لمنظومة صواريخ إس-400 الروسية، وما أثارته من مشاكل مع أمريكا وحلف الناتو لاحقاً.

والأمر في ليبيا كان مثار شك واختلاف أيضاً، حتى تساءل البعض: هل التدخل التركي في ليبيا ضد روسيا أم هو بالتنسيق معها؟ وهل يمكن أن تقع حرب طويلة الأمد بين القوات المدعومة من تركيا مع قوات فاغنر المدعومة من روسيا؟ أم أن الاتصالات بين قيادات الدولتين التركية والروسية تحول دون ذلك، وجاء التساؤل: إذا ما توصلت الأطراف الليبية المجتمعة في تونس إلى اتفاق سياسي.. فهل سيكون مدعوماً من الدولتين أيضاً؟

ولا يكاد الوضع في ناغورنو قره باغ يكون مختلفاً، فتركيا تعلن أنها على اتفاق مع روسيا على الحل النهائي، وأنها متفقة مع روسيا على نشر قوات تركية في قره باغ إلى جانب القوات الروسية لفرض حالة السلام بين أذربيجان وأرمينيا، بينما روسيا تعلن أنها لم تتفق على تواجد قوات تركية، وكأن روسيا تحت ضغوط فرنسية برفض التواجد التركي فيها، وهي في نفس الوقت على اتفاق سري في الغالب مع تركيا وأذربيجان معاً.


لعل طريقة نهاية الحرب في ناغورنو قره باغ بعد أشهر من الحرب والتدمير والقتال العنيف مؤشر على طبيعة العلاقات التركية ـ الروسية، بأنها أشبه باللغز حيث يظهر الاختلاف بينهما في العلن ويختفي الاتفاق بينهما، وهذا مؤشر على كشف حقيقة اللغز الذي يقوم على مبدأ عدم الاصطدام بين القوات التركية والروسية مهما بلغت درجة الخلاف بينهما أولاً، وأنها تقوم على مبدأ ثان وهو البحث عن نقاط التلاقي بينهما لتحقيق مصالحهما معاً ثانياً، وأما المبدأ الثالث فهو ترك الأزمات الدولية تأخذ وقتها الكافي في الصراع أو في التوصل إلى اتفاق، طالما أن النزاعات التي يختلفون عليها هي خارج حدودهما معاً.