السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

متى يصبح الإرهاب في ذمة التاريخ؟

ما تنتهجه الدول من المواجهات العسكريَّة مع الإرهاب الأسود بكل معطياته لن ينهيه؛ لأن هناك جذوراً فكريَّة وثقافيَّة متشددة، هيأت مناخاً خاصاً جعلتنا نتقبَّل التطرُّف وكأنه قدر لا مناصَ منه.. إنها رحلة شاقة وعميقة في داخل أغوار النفس البشريَّة، ومدى الطبيعة العدوانيَّة والدمويَّة لتوجُّهات أصحابه.

إن الإرهاب يزرع أتباعه في المناطق الأكثر توتراً، ويجيد التفاعل مع أي أقليَّة تشعر بالتهديد وتشكو من التهميش؛ لأنه لا ينمو إلا داخل بيئات تمزِّقها الخلافات العرقيَّة والدينيَّة، ما يسمح باستغلال الظروف الأمنيَّة المتردية والبيئات المنقسمة.

والأوطان العربيَّة مطلوب منها التصالح المجتمعي بين كل الأطياف والمكونات المختلفة، فهذا هو الاختبار الحقيقي لكيفيَّة التعامُل مع مرحلة فلول «الإرهاب»، لكن هل سيُشِّكل الإرهابيون تهديداً أمنياً لسنوات كثيرة مقبلة؟.

إن «ذئابه المنفردة» لا تزال ناشطة في أنحاء العالم، وإن البيئات المريضة تجعلهم أكثر قابليَّة للتوالد والتناسخ، وليس هناك أمل إلا بالتطهير، فهو الملاذ الآمن.

ومن الحلول النموذجيَّة، الوقوف إزاءه بحزم تشريعي، وإجراءات سياسيَّة وأمنيَّة قويَّة، وملء الفراغ الديني الحاصل، بالتدين المتزن الذي يحمي الشباب، وكل هذا من خلال العلماء، وأهل الفتوى الصلحاء، وأئمة المنابر الفضلاء، وتجفيف مسبِّبات الصراع الديني والإثني، وتسويق الأفكار الطائفيَّة، والفتاوى العشوائيَّة.

لا شكَّ أن التدين الروحي المعتدل قادر على ترويض الشر والوحشيَّة داخل الإنسان؛ لأن هناك علاقة متجانسة ما بين التديُّن الوسطي والتسامح والتنوير.

كما لا قيمة للفكر الديني إذا لم يتحول إلى فعل ملهم للجماهير، ومعبر عن تطلعاتها وهمومها، مع الإحساس بالتحديات ومقاومتها، فنحن نطلب هنا تجديداً واعياً ومدروساً للخطاب الحضاري، وحينها سيذهب الإرهاب إلى مزبلة التاريخ.