الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

عصا العقوبات الأوروبية على تركيا

تحبس تركيا ومعها عواصم القرار الأوروبي السياسي أنفاسها في انتظار موعد القمة الأوروبية المنتظر عقدها في العاشر من الشهر الجاري، فدول الاتحاد الأوروبي ـ رغم انقساماتها الداخلية ـ جعلت من هذا الموعد مناسبة للحسم والحزم تجاه تركيا وخياراتها السياسية والعسكرية، ووجهت إنذارات متعددة للقيادة التركية من أن عصا العقوبات الاقتصادية ستنهال عليها في حال لم تراجع أنقرة خياراتها الاستراتيجية، التي أصبحت تتناقض في ظاهرها وجوهرها مع المصالح الحيوية الأوروبية.

ومع اقتراب موعد هذه القمة الأوروبية لوحظ تغيير في الخطاب التركي تجاه الجوار المتوسطي والأوروبي، وطُرح تساؤل مهم: هل هذا التغيير في النبرة يعتبر وعياً من طرف القيادة التركية بخطورة المرحلة أم أنه مراوغة إعلامية جديدة تقضي بالانحناء أمام هول العاصفة الآتية من بروكسل؟ وهل هو بداية تراجع تركي عن خيار عسكرة العلاقات مع الجوار أم عملية كر وفر فقط لتفادي ماكينة العقوبات الأوروبية؟

يبدو أن القيادة الأوروبية أخذت وعياً بهذه الاستراتيجية المحتملة لتركيا، ثم المطالبة العلنية بأفعال وعدم الاكتفاء بأقوال ووعود، ما يؤكد الانطباع من أن المواجهة التركية الأوروبية دخلت في مرحلة حساسة.


وفي هذا الإطار تراهن تركيا على الانقسامات الداخلية للمنظومة الأوروبية بين جناحين، الأول تقوده فرنسا ويصرُّ على توجيه رسالة حازمة ورادعة للقيادة التركية، والثاني تجسده ألمانيا، التي تفضل منطق الوساطات الدبلوماسية والتفاهمات السياسية على منطق العقوبات، ومعها بعض دول أوروبا الشرقية المعجبة بأسلوب الرئيس أردوغان السلطوي.


بينما يعوّل كثير من دول الاتحاد الأوروبي على الظرفيَّة السياسيَّة الجديدة التي أنتجها فوز الديمقراطي جو بايدن، المعروف بمواقفه المنقذة لسياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتعهده بالضغط تجاه تغييرها، رفضاً للمقاربة الرمادية التي كان دونالد ترامب يتعامل بها مع الأنشطة التركية في الأزمات الإقليمية بدءاً من سوريا والعراق، مروراً بليبيا واليونان، ووصولاً إلى أذربيجان.

موعد أوروبي مهم يُنتظر منه ترميم العلاقات من خلال قمة ديسمبر. مفترق طرق حاد، وواضح الرهانات، فإما أن تُظهر دول الاتحاد الأوروبي عزمها وحزمها لإيقاف الأنشطة العدوانية التركية، أو أن تستسلم وتخضع للابتزاز، وللمراوغة التي يمارسها طيب أردوغان.