الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تونس.. حوار جديد بقواعد قديمة

الوضع التونسي المأزوم دفع الاتحاد العام التونسي للشغل إلى اقتراح «مبادرة للخروج من الأزمة في اتجاه خيارات وطنيّة جديدة»، قدمها الأمين العام للمنظمة نورالدين الطبوبي إلى الرئيس قيس سعيَّد.

مبادرة الاتحاد الداعية إلى حوار وطني يجترح حلولاً لأزمة البلاد، تقف دونها عقبات كثيرة، فيها ما يتصل بنص الوثيقة نفسها، وفيها ما يعود إلى الوضع السياسي الراهن، ورحب الرئيس قيس سعيَّد بالمبادرة، على ألا تشهد مشاركة الفاسدين (إشارة إلى قلب تونس).

الاتحاد صاحب المبادرة أعلن استثناء أطراف سياسية من الحوار المرتقب باعتبار عدائها لمدنية الدولة ولقوى المجتمع المدني (النهضة وائتلاف الكرامة)، وكانت حركة النهضة قد اقترحت حواراً وطنياً ينتظم تحت قبة البرلمان، ما يعني إبعاد قيس سعيد وحرمانه من تحصيل المزيد من الشرعية الشعبية.


هنا تصبح دعوة الاتحاد إلى حوار وطني يتقصّد طرح المشكلات السياسية والاقتصادية للبلاد، محرومة من دعائم النجاح، لأنها خلقت لنفسها منذ البداية معارضين كثراً، لا من النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة فقط، بل أيضاً من أطراف سياسية ومدنية قرأت الحوار الذي دعا إليه الاتحاد على أنه حوار من أجل إنقاذ النهضة لا من أجل إنقاذ تونس. وهنا يتساوى المستثنى من الدعوة، مع المعني بها، في معارضة الفكرة.


مبادرة الاتحاد الجديدة ذكرت بدور المنظمة في أكتوبر 2013، أثناء إشرافها، بمعية منظمات مدنية وحقوقية، على الحوار الوطني، لكن الوضع الراهن يختلف عن سياق 2013، فمبادرة الاتحاد أعادت طرح قضية دستور 2014، الذي تُجمِع أغلب القراءات السياسية على تضمنه هنات كثيرة «بات من الواجب مراجعتها على نحو هادئ ومسؤول»، كما وصفت وثيقة الاتحاد.

النهضة لا تتحمس لمبادرات الاتحاد، ويجاهر أنصارها بأن حوار عام 2013 سحب منها السلطة وحرمها من «شرعية انتخابية» مثخنة بأخاديد الإرهاب والفشل الاقتصادي، ولا ترتاح النهضة لكل دعوة لمراجعة الدستور أو إصلاح هناته، أو رفع القداسة المزعومة عن فصوله، ذلك أن دستور 2014 كان نصاً نظرياً أثبتت الوقائع وجود أدلة على عقمه التطبيقي.

مبادرة الاتحاد، ورغم كل ما تضمنته من أفكار عميقة واقتراحات جريئة في مجالات السياسة والاقتصاد والمجتمع، لن تذهب بعيداً في التحول إلى مشاريع حقيقية، لأنها تستهدف في أغلب مفاصلها الطبقة السياسية الحاكمة، التي تقيس أي خطاب سياسي بمعيار مصلحتها الحزبية. صنّاع الأزمة لن يُعدموا سُبل إجهاض أي مشروع سياسي يتقصد حلّ أزمات البلاد، لأنهم يعرفون أن ذلك يعني اضمحلالهم.